في ذكر حجج القائلين بوجوب المقدمة. أقول ما تمسك به في هذا المقام وجوه، أسدها و أمتنها ما احتج به شيخنا المرتضى (قدّس سرّه) من شهادة الوجدان، فان من راجع وجدانه و أنصف من نفسه، يقطع بثبوت الملازمة بين الطلب المتعلق بالفعل و المتعلق بمقدماته (134).
لا نقول بتعلق الطلب الفعلي بها، كيف؟ و البداهة قاضية بعدمه، لجواز غفلة الطالب عن المقدمة، إذ ليس النزاع منحصرا في الطلب الصادر من الشارع، حتى لا يتصور في حقه ذلك، بل المقصود أن الطالب للشيء إذا التفت إلى مقدمات مطلوبه، يجد من نفسه (134) (أدلة القائلين بوجوب المقدمة:) لا إشكال في ثبوت الملازمة بين إرادة الشيء و إرادة مقدماته، لأن من تعلقت إرادته بالكون على السطح، و يعلم بأنه لا يتمكن منه الا بنصب السلّم فلا محالة توجد إرادة تبعية منه تتعلق بالنصب، و يتحرك نحوه، و إلّا ينجر الأمر إلى نقض غرضه.
و أما في الإرادة التشريعية فيمكن نفيها، لأن الآمر إذا أراد الكون على السطح من عبده، فليس في نفسه إلّا إيجاد المحرك التام و الداعي للعبد على إتيان مطلوبه، و بعد ما يرى أن تشريع الحكم نحو مطلوبه كاف في محركية العبد و واف في احداث خوف المخالفة في نفسه، بحيث تحركه تلك الإرادة النفسيّة إلى مطلوبه، مع ما يتوقف عليه من المقدمات، فما الملزم بل و ما الباعث له في تشريع الحكم نحو المقدمات أو انقداح الإرادة نحوها؟ و هل هذا الا لغو، لأن المقدمة بالفرض ليست مطلوبة نفسا، و لا يحتاج البعث إلى ذيها إلى البعث نحوها، فلا ملازمة في البين.