ربما يقال ان الواضع هو اللّه تبارك و تعالى بتقريب ان الوضع أمر متوسط بين الأمور التكوينية و الأمور التشريعية فان الامور التكوينية امور خارجية لا تنالها يد التشريع كالجوع و العطش و الالم و اللذة و الامور التشريعية امور مجعولة شرعية لا تنالها يد التكوين كالوجوب و الحرمة و الاباحة و الوضع لا تكويني محض و لا تشريعي كذلك فانه يلهم الانسان فهم الالفاظ و قوة التلفظ بها و قال في كتابه الكريم «خَلَقَ الْإِنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ»[1] و يرد على هذا التقريب انه لا واسطة بين الأمرين فان الامور اما تكوينية كالجواهر و الأعراض و اما تشريعية كالاحكام التكليفية و الوضعية و الامور التكوينية كلها بيده تعالى و نعم ما قال الحكيم السبزواري.
ازمة الامور طرا بيده * * * و الكل مستمدة من مدده
فكل صنعة قائمة بالمكلف و كل فعل صادر منه بارادته و مشيته التكوينية و لا نلتزم بالجبر بل نقول جميع الامور تنتهى اليه فلا فرق بين فهم المعاني و وضع الالفاظ و التلفظ بها و بقية الامور كالجوع و العطش و الأكل و الشرب فان كلها بالهامه و احاطته و ارادته كما قال اللّه تعالى «وَ أَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً»[2].
و أما قوله تعالى «الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ»[3] لا يدل على مدعى الخصم بل يدل على أن الخلق و النطق كبقية الامور تحت قدرته و منه و اليه فلا يكون الواضع هو اللّه تبارك و تعالى و يتوقف معرفة الواضع على معرفة الوضع اذ لو اتضح معنى الوضع يتضح انه من الواضع فان الواضع مشتق