فنقول الدليل الأول: ان اللّه سبحانه وصف نفسه بالتكلم فقال «وَ كَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً» فقد اصبح التكلم من اوصاف ذاته تعالى و بما انه تعالى قديم و لا يعقل اتصافه بالحادث فلا بد من الالتزام بأحد الامرين: اما حدوث الواجب و اما قدم الكلام و من الظاهر عدم امكان الالتزام بحدوث الواجب فلا بد من الالتزام بقدم الكلام و هو الكلام النفسي و لا محذور فيه.
و أما الكلام اللفظي فحيث انه امر حادث تدريجي الحصول يوجد منه جزء بعد انعدام جزء آخر منه فلا يمكن الالتزام بقدمه فذلك القديم كلام نفسي.
و الجواب عن الدليل المذكور ان صفاته على قسمين قسم منها صفات ذاتية قديمة كالعلم و القدرة و الحياة و الضابط الكلى فيها انه لا يمكن نفيها عنه و لا يمكن توصيف ذاته بمقابلها و عدم تعلق قدرته بها فلا يقال انه تعالى لا يعلم و لا يقال انه قادر على أن يعلم و ايضا لا يتعلق ارادته بها اذ الارادة فرع القدرة.
و قسم منها صفات فعلية كالخلق و الرزق و امثالهما فان الصفات الذاتية صفات قديمة و عين ذاته تعالى و أما الصفات الفعلية فلا يعقل فيه القدم اذ المفروض كونها حادثة جديدة و التكلم من الصفات الفعلية و الضابط فيها ان الاتصاف بها لا يصح إلّا بعد تحققها فلا يقال انه رازق أو خالق الا بعد تحققهما و يتعلق بها القدرة و الارادة فالدليل المذكور لا يصلح لا ثبات المدعى فلاحظ.
الدليل الثاني: انا نرى صحة توصيفه تعالى بكونه متكلما.
و ايضا نرى انه تعالى وصف نفسه بالتكلم و يشترط في صحة اتصاف الذات بصفة حلول مبدئها فيه و لو لا الحلول لما جاز التوصيف و إلا جاز توصيفه بالنوم و الحركة و امثالهما لقيام المبدا به قياما صدوريا تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
فلا بد من الالتزام بكون التكلم حالا في ذاته و لا بد من الالتزام بقدم الكلام لعدم جواز حدوث الحوادث في ذاته و ذلك القديم هو الكلام النفسي.