و ثانيا: ان القاعدة المذكورة لا تكون تامة في حد نفسها بل الحال يختلف بحسب المقامات فربما يقدم جانب المنفعة و اخرى جانب المضرة فلا بد من ملاحظة الأهم و المهم.
و ثالثا: ان الأحكام الشرعية تابعة للمصالح و المفاسد و لا تكون تابعة للمضار و المنافع و لذا يمكن أن يكون في متعلق حكم ضرر مالي كالزكاة و الخمس و الحج و ربما يكون في متعلقه ضرر بدني كالجهاد و الحدود و التعزيرات و صفوة القول ان الحكم الشرعي لا يتبع الضرر و النفع الراجعين الى المكلف.
و رابعا: ان وظيفة المكلف الاطاعة فان كان الحكم وجوبيا يأتي بالواجب و ان كان تحريميا يترك، و بعبارة اخرى لا يكون المكلف موظفا بجلب المنفعة و دفع المضرة ما دام لا يكون حكم من قبل المولى و اما مع صدور الحكم من قبله فيلزم عليه أن يقوم على طبق التكليف و يعمل بالوظيفة، و اجاب المحقق القمي (قدس سره) على ما نقل عنه عن هذا الوجه بأن الامر دائر بين دفع هذه المفسدة و تلك المفسدة بتقريب ان ترك الواجب فيه مفسدة كفعل الحرام.
و يرد عليه: ان ترك الواجب لا مفسدة فيه كما أن ترك الحرام لا مصلحة فيه و إلّا يلزم أن يكون كل حكم ينحل الى حكمين و هو باطل بالضرورة.
الوجه الثالث: الاستقراء
بتقريب ان الاستقراء في موارد دوران الأمر بين الوجوب و الحرمة يرشدنا الى أن الشارع الأقدس قدم جانب الحرمة كما أمر بترك الصلاة ايام الاستظهار و كما أمر باهراق الماء المشتبهة بالنجس فان الأمر دائر بين حرمة الصلاة و وجوبها في الاول و الشارع قدم جانب الحرمة و أمر بترك الصلاة كما أن الأمر دائر بين وجوب الوضوء و الغسل و حرمتهما و الشارع الأقدس رجح جانب الحرمة و أمر باهراق الماء و التيمم.
و يرد عليه: اولا: ان الاستقراء الناقص لا يتحقق بهذا المقدار فكيف بالاستقراء