نام کتاب : الإحكام في اصول الأحکام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن جلد : 2 صفحه : 107
أما العقل فهو أن المخالف لا يخلو إما أن يكون ممن يوافق على أن
الله تعالى له أن يفعل ما يشاء كما يشاء من غير نظر إلى حكمة وغرض وإما أن
يكون ممن يعتبر الحكمة والغرض في أفعاله تعالى فإن كان الأول فلا يمتنع
عليه تعالى أن يأمر بالفعل في وقت وينهى عنه في وقت كما أمر بالصيام في
نهار رمضان ونهى عنه في يوم العيد وإن كان الثاني فمع بطلانه على ما عرفناه
في كتب الكلام فلا يمتنع أن يعلم الله استلزام الأمر بالفعل في وقت معين
للمصلحة واستلزام النهي عنه للمصلحة في وقت آخر فإن المصالح مما يختلف
باختلاف الأشخاص والأحوال حتى إن مصلحة بعض الأشخاص في الغنى أو الصحة أو
التكليف ومصلحة الآخر في نقيضه فكذلك جاز أن تختلف المصلحة باختلاف الأزمان
حتى أن مصلحة بعض أهل الأزمان في المداراة والمساهلة ومصلحة أهل زمان آخر
في الشدة والغلظة عليهم إلى غير ذلك من الأحوال.
وإذا عرف جواز اختلاف المصلحة باختلاف الأزمان فلا يمتنع أن يأمر
الله تعالى المكلف بالفعل في زمان لعلمه بمصلحته فيه وينهاه عنه في زمن آخر
لعلمه بمصلحته فيه كما يفعل الطبيب بالمريض حيث يأمره باستعمال دواء خاص
في بعض الأزمنة وينهاه عنه في زمن آخر بسبب اختلاف مصلحته عند اختلاف مزاجه
وكما يفعل الوالد بولده من التأديب له وضربه في زمان واللين له والرفق به
في زمان آخر على حسب ما يتراءى له من المصلحة . ولهذا خص الشارع كل زمان
بعبادة غير عبادة الزمن الآخر كأوقات الصلوات والحج والصيام ولولا اختلاف
المصالح باختلاف الأزمنة لما كان كذلك . ومع جواز اختلاف المصالح باختلاف
الأزمنة لا يكون النسخ ممتنعا.
هذا ما يدل على الجواز العقلي من جهة العقل . وأما من جهة السمع فقوله تعالى : ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير
[1]فهذه الآية تدل على جواز النسخ على الله تعالى شرعا .أما بالنسبة إلى
من خالف في ذلك من المسلمين فظاهر لموافقته على أن الآية من كلام الله
تعالى وأن كلامه صدق.
وأما بالنسبة إلى اليهود فلأنه إذا ثبت أن محمدا رسول الله بما
أثبتناه من الأدلة القاطعة في علم الكلام وأنه صادق فيما يدعيه من الوحي
>[1]. 2 البقرة 106
نام کتاب : الإحكام في اصول الأحکام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن جلد : 2 صفحه : 107