نام کتاب : الإحكام في اصول الأحکام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن جلد : 1 صفحه : 393
المسألة السادسة
الأمر بالشيء على التعيين هل هو نهي عن أضداده اختلفوا فيه وتفصيل
المذاهب أما أصحابنا فالأمر عندهم هو الطلب القائم بالنفس وقد اختلفوا
فمنهم من قال الأمر بالشيء بعينه نهي عن أضداده وإن طلب الفعل بعينه طلب
ترك أضداده وهو قول القاضي أبي بكر في أول أقواله. ومنهم من قال هو نهي عن
أضداده بمعنى أنه يستلزم النهي عن الأضداد لا أن الأمر هو عين المنهي وهو
آخر ما اختاره القاضي في أخر أقواله. ومنهم من منع من ذلك مطلقا وإليه ذهب
إمام الحرمين والغزالي.
وأما المعتزلة فالأمر عندهم نفس صيغة افعل وقد اتفقوا على أن عين
صيغة افعل لا تكون نهيا لأن صيغة النهي لا تفعل وليس إحداهما عين الأخرى
وإنما اختلفوا في أن الآمر بالشيء هل يكون نهيا عن أضداده من جهة المعنى
فذهب القدماء من مشايخ المعتزلة إلى منعه ومن المعتزلة من صار إليه
كالعارضي وأبي الحسين البصري وغيرهما من المعتبرين منهم. ومعنى كونه نهيا
عن الأضداد من جهة المعنى عندهم أن صيغة الأمر تقتضي إيجاد الفعل والمنع من
كل ما يمنع منه. ومنهم من فصل بين أمر الإيجاب والندب وحكم بأن أمر
الإيجاب يكون نهيا عن أضداده ومقبحا لها لكونها مانعة من فعل الواجب بخلاف
المندوب. ولهذا فإن أضداد المندوب من الأفعال المباحة غير منهي عنها لا نهي
تحريم ولا نهي تنزيه.
والمختار إنما هو التفصيل وهو إما أن نقول بجواز التكليف بما لا
يطاق أو لا يقول به فإن قلنا بجوازه على ما هو مذهب الشيخ أبي الحسن رحمة
الله عليه كما سبق تقريره فالأمر بالفعل لا يكون بعينه نهيا عن أضداده ولا
مستلزما للنهي عنها بل جائز أن نؤمر بالفعل وبضده في الحالة الواحدة فضلا
عن كونه لا يكون منهيا عنه. وإن منعنا ذلك فالمختار أن الأمر بالشيء يكون
مستلزما للنهي عن أضداده لا أن يكون عين الأمر هو عين النهي عن الضد وسواء
كان الأمر أمر إيجاب أو ندب. أما أنه مستلزم للنهي عن الأضداد فلأن فعل
المأمور به لا يتصور إلا بترك أضداده. وما لا يتم فعل المأمور به دون تركه
فهو واجب الترك إن كان الأمر للإيجاب ومندوب إلى تركه إن كان الأمر للندب
على ما سبق تقريره وهو معنى كونه منهيا عنه غير أن النهي عن
نام کتاب : الإحكام في اصول الأحکام نویسنده : الآمدي، أبو الحسن جلد : 1 صفحه : 393