الفصل الثامن
نسخ الوجوب
إذا نسخ الوجوب فهل يبقى الجواز أو لا ؟ ولنقدم مثالاً من الكتاب العزيز.
فرض اللّه سبحانه على المؤمنين ـ إذا أرادوا النجوى مع النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ـ تقديم صدقة قال سبحانه:
(يا أيُّها الذينَ آمَنُوا إذا نَاجَيتُمُ الرسولَ فَقَدِّمُوا بَينَ يَدَي نجواكُم صَدَقَةً ذلكَ خَيْرٌ لَكُمْ وأطهر فإن لَمْ تَجِدُوا فَإنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحيم) (المجادلة /12).
فلمّا نزلت الآية كفّ كثير من الناس عن النجوى، بل كفّوا عن المسألة، فلم يناجه أحد إلاّ علي بن أبي طالب ـ عليه السَّلام ـ [1]، ثم نسخت الآية بما بعدها، وقال سبحانه:
(ءأشفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَينَ يَدَي نَجْواكُمْ صَدَقات فَإِذ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَلاةَ وَآتُوا الزَكاةَ وَأَطيعُوا اللّهَ وَرَسُولَهُ واللّهُ خبيرٌ بِما تَعْمَلُونَ)(المجادلة / 13).
فوقع الكلام في بقاء جواز تقديم الصدقة إذا ناجى أحد مع الرسول ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ فهناك قولان:
الأوّل: ما اختاره العلاّمة في «التهذيب» من الدلالة على بقاء الجواز.
الثاني: عدم الدلالة على الجواز، بل يرجع إلى الحكم الذي كان قبل الأمر. وهو خيرة صاحب المعالم.