فنقول: لا إشكال في ان الأصل عدم نفوذ حكم أحد على غيره قضاء كان أو غيرها نبيا كان الحاكم أو وصى نبيّ أو غيرهما، و مجرد النبوة و الرسالة و الوصاية و العلم بأي درجة كان و سائر الفضائل لا يوجب ان يكون حكم صاحبها نافذا و قضائه فاصلا، فما يحكم به العقل هو نفوذ حكم اللَّه تعالى شأنه في خلقه لكونه مالكهم و خالقهم، و التصرف فيهم بأي نحو من التصرف يكون تصرفا في ملكه و سلطانه، و هو تعالى شأنه سلطان على كل الخلائق بالاستحقاق الذاتي، و سلطنة غيره و نفوذ حكمه و قضائه يحتاج إلى جعله، و قد نصب النبي للخلافة و الحكومة مطلقا قضاء كانت أو غيرها، فهو (صلّى اللَّه عليه و آله) سلطان من قبل اللَّه تعالى على العباد بجعله.
قال تعالى النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ[1].
و قال فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً[3].
ثم بعد النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) كان الأئمة (عليهم السّلام) واحدا بعد واحد سلطانا و حاكما على العباد و نافذا حكمهم من قبل نصب اللَّه تعالى و نصب النبي بمقتضى الآية المتقدمة، و الروايات المتواترة بين الفريقين عن النبي (صلّى اللَّه عليه و آله و سلم) و أصول المذهب و هذا مما لا إشكال فيه.
و انما الإشكال في أمر القضاء و الحكومة في زمان الغيبة بعد قضاء الأصل المتقدم و بعد دلالة الأدلة على ان القضاء و الحكومة من المناصب الخاصة للخليفة و النبي و الوصي.
قال تعالى «يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ»[4] دل على ان جواز الحكومة بالحق من متفرعات الخلافة و غير الخليفة لا يجوز له