فتحصل مما ذكرنا ان مصب اخبار القرعة العامة و الخاصة ليس الا المشتبهات و المجهولات في باب التنازع و تزاحم الحقوق و ليس التخصيص فيها كثيرا بل هي بعمومها معول عليها معمول بها، بل يمكن ان يقال: ان التخصيص في اخبارها أقل من تخصيص نحو أوفوا بالعقود و المؤمنون عند شروطهم فالمسألة بحمد اللّه خالية عن الإشكال.
الأمر الثالث [ان القرعة ليست أمارة على الواقع لا لدى العقلاء، و لا لدى الشرع]
الظاهر ان القرعة ليست أمارة على الواقع لا لدى العقلاء و ذلك واضح، و لا لدى الشرع.
اما أولا فلان الظاهر ان الشارع لم يتخذ في باب القرعة طريقا غير طريق العقلاء كما لعله يظهر من ذيل مرسلة ثعلبة حيث جعل الأصل فيها قوله تعالى: «فساهم فكان من المدحضين» و معلوم ان مساهمة أصحاب السفينة قضية عقلائية قررها الكتاب الكريم و استشهد بها الأئمة (عليهم السّلام) بل الناظر في الاخبار المتكثرة الواردة في القرعة يرى ان مواردها هي الموارد التي يتداول أشباهها لدى العقلاء الا المورد الّذي مر الكلام فيه.
و اما ثانيا فلان جعل الطريقية لما ليس له كشف عن الواقع و لو ضعيفا مما لا يمكن بل قد قرر في محله بطلان جعل الطريقية و الكاشفية مطلقا، و القرعة ليست كاشفة عن الواقع بل تكون مطابقتها للواقع من باب الاتفاق لا بمعناه المحال كما قرر في محله، و ما كان حاله كذلك لا معنى لطريقيته و كاشفيته، و التصادف الدائمي أو الأكثري بإرادة اللّه تعالى و الأسباب الغيبية و ان كان ممكنا لكنه بعيد غايته، بل لا يمكن الالتزام به.
و اما ثالثا فلان لسان عمومات باب القرعة مثل قوله: «كل مجهول ففيه القرعة» و قوله: «القرعة لكل امر مشتبه أو مشكل، أو فيما أشكل» لسان الأصل و الوظيفة لدى الجهل و الاشتباه لا أمارة فهي نظير قوله: «كل شيء نظيف حتى تعلم انه قذر» و قوله: «كل شيء حلال حتى تعرف انه حرام بعينه» و اما قوله: «ما يقارع قوم فوضوا أمرهم إلى اللّه إلا خرج سهم المحقق» فلعل المراد منه ما في روايات اخر كصحيحة الحلبي: «فأيهم قرع فعليه اليمين و هو أولى بالحق» و صحيحة داود بن سرحان: «فهو أولى بالقضاء» أي خرج سهم من هو أولى بالحق و القضاء أي يكون الحق معه فعليه اليمين و على صاحبه