المصحح فيه ليس علاقة السببية و المسببية بل هو كون الشجاعة أو المروة تمام حقيقة الرجولية لأنها من أظهر خواص الرّجل و أعظمها كأنها هي لا غيرها، و بالجملة مصحح الادعاء في الحقائق الادعائية مختلفة باختلاف المقامات حتى ان قوله تعالى: و اسئل القرية التي كنا فيها يكون من قبيل الحقيقة الادعائية، بدعوى ان القرية أيضا مطلعة من القضية لغاية اشتهارها و كمال ظهورها كقول الفرزدق.
«
هذا الّذي تعرف البطحاء وطأته * * * و البيت يعرفه و الحل و الحرم
» و كون أمثاله من قبيل حذف المضاف و قيام المضاف إليه مقامه مما يخرج الكلام عن الحسن و الحلاوة و يجعله مبتذلا باردا خارجا عن فنون البلاغة، و لعل الشيخ (رحمه اللَّه) لم يكن في مقام بيان كيفية المجازية و كان بصدد بيان ان النفي انما بقي على حاله في مقابل القول بان المستفاد منه النهي كقوله: لا رفث و لا فسوق و لا جدال في الحج، و في مقابل القول بان المنفي هو الضرر الغير المتدارك، و غرضه بيان ما يستفاد من الحديث بنحو نتيجة البرهان لا كيفية استعمال لا ضرر و لا ضرار و بيان العلاقة المحققة في البين بنحو مبدأ البرهان، نعم يوهم ظاهر تعبيراته إرادته المعنى الأول أي المجاز في الحذف لكن التأمل في كلامه و فيما ذكرناها يرفعه، و ليعلم ان الاحتمال المذكور أي إرادة نفي الأحكام الضررية انما هو في مقابل إرادة النهي و في مقابل كونه كناية عن لزوم التدارك.
و اما كيفية استفادة هذا المعنى من الحديث أي كونه بنحو المجاز في الحذف أو الكلمة أو الحقيقة الادعائية ليست في عرض الاحتمالات الثلاثة بل في طولها و من متفرعات الاحتمال الأول و بيان استفادته و بيان ترجيحه على ساير الاحتمالات، فالقائل بالمجاز في الحذف كالقائل بالمجاز في الكلمة و القائل بالحقيقة الادعائية من أصحاب هذا الاحتمال في مقابل الاحتمالين الآخرين.
في وجوه الحقيقة الادعائية
ثم ان في بيان الحقيقة الادعائية وجوها:
منها ما أفاده المحقق الخراسانيّ (قده) في الكفاية من انها من قبيل نفي الموضوع ادعاء كناية عن نفي الآثار كقوله: يا أشباه الرّجال و لا رجال، و مراده من الآثار هي