أحدها ما احتمله الشيخ الأنصاري (قدس سره) من إبقاء النفي على حاله و يراد به نفي الحكم الشرعي الّذي هو ضرر على العباد و انه ليس في الإسلام مجعول ضرري، و بعبارة أخرى حكم يلزم من العمل به الضرر على العباد كلزوم البيع مع الغبن و وجوب الوضوء مع إضرار مالي و إباحة الإضرار بالغير، فان كلها أحكام ضررية منتفية في الشريعة، هذا كله إذا كان الحديث لا ضرر و لا ضرار من غير تقييد أو مع التقييد بقوله في الإسلام، و اما قوله لا ضرر و لا ضرار على مؤمن فهو مختص بالحكم الضرري بالنسبة إلى الغير فلا يشمل نفي وجوب الوضوء و الحج مع الضرر، قال (رحمه اللَّه):
هذا الاحتمال هو الأرجح في معنى الرواية بل المتعين بعد تعذر حمله على حقيقته لوجود الحقيقة في الخارج بديهة.
أقول: كلامه هذا صريح في امرين و محتمل لوجوه، فأول ما صرح به هو ان حمل هذا الكلام على الحقيقة متعذر، ضرورة وجودها في الخارج فتقوية بعض أعاظم العصر قول الشيخ و توجيهه مع تطويلات مملة و الذهاب إلى كون هذا المعنى مما لا يلزم منه المجاز توجيه لا يرضى به صاحبه مع ان في كلامه مواقع للنظر ربما نشير إلى بعض منها و الثاني ان المنفي هو الحكم الشرعي الّذي لزم منه الضرر على العباد.
في محتملات كلام الشيخ الأعظم
و اما الوجوه المحتملة:
فمنها ان يراد من قوله لا ضرر لا حكم ضرري بنحو المجاز في الحذف.
و منها ان يراد منه المجاز في الكلمة بمعنى استعمال الضرر المسبب من الحكم و إرادة سببه.
و منها كونه حقيقة ادعائية و مصحح الادعاء هو علاقة السببية و المسببية كما هو التحقيق في ساير أبواب المجازات، فلما كانت الأحكام الشرعية بإطلاقها سببا للضرر لكونها باعثة للمكلف إلى الوقوع فيه ادعى المتكلم ان الأحكام هي نفس الضرر فنفاها بنفيه، و هذه الحقيقة الادعائية غير التي ادعاها المحقق الخراسانيّ، لأن المصحح فيها هو السببية و المسببية و فيما ذكره امر آخر كقوله: يا أشباه الرّجال و لا رجال، فان