في صدره وقوع الشك ليس إلا عدم لزوم الاعتناء به، و ان قوله: قد ركعت بعد مسبوقيته بالسؤال عن حال الشك لا يفيد الا البناء على الوجود في حال الشك كان تقدمها عليه بما ذكره الاعلام من حصول اللغوية أو الاستهجان، و لعل هذا الوجه أقوى الوجوه و كيف كان لا إشكال في تقدمها عليه كما لا ثمرة مهمة في تحقيق وجهه.
المبحث الثالث في أصالة الصحة و دليل اعتبارها
في حال الاستصحاب مع أصالة الصحة في فعل الغير، و لا إشكال في تقدمها عليه في الجملة و لا بد من بسط الكلام فيها ثم بيان النسبة بينهما و وجه تقدمها عليه في ضمن أمور:
الأول [الاستدل على اعتبار القاعدة بأمور من الكتاب و السنة و الإجماع و العقل]
قد استدل على اعتبار القاعدة بأمور من الكتاب و السنة و الإجماع و العقل مما يمكن الخدشة في جلها لو لا كلها، و الدليل عليه هو بناء العقلاء و السيرة العقلائية القطعية من غير اختصاصها بطائفة خاصة كالمسلمين، و لا اختصاص جريانها بفعل المسلم و ليس للمسلمين في ذلك طريقة خاصة تكشف عن كون أصالة الصحة ثابتة من قبل شارع الإسلام بل الضرورة قائمة بأنها كانت ثابتة قبل الإسلام من لدن صيرورة الإنسان متمدنا مجتمعا على قوانين إلهية أو عرفية و صارت أنواع المعاملات رائجة بينهم، و الإسلام بدء في زمان كانت تلك القاعدة كقاعدة اليد و كالعمل بخبر الثقة معمولا بها بين الناس منتحليهم بالديانات و غيرهم و المسلمون كانوا يعملون بها كسائر طبقات الناس من غير انتظار ورود شيء من الشرع، و الآن يحمل المسلمون إعمال ساير الملل في نكاحهم و طلاقهم و عقودهم و إيقاعاتهم على الصحة و هم يحملون إعمال المسلمين عليها من غير كون ذلك في ارتكازهم امرا دينيا، و من ذلك يعلم ان سيرة المسلمين و الإجماع القولي و العملي ليس شيء منها دليلا برأسه بل كلها يرجع إلى هذا الأمر العقلائي الثابت لدى جميع العقلاء و هذا واضح جدا.
و ان شئت الاستدلال عليها بدليل لفظي فيمكن ان يستدل عليها بطوائف من الاخبار المتفرقة في أبواب الفقه.