و يمكن ان يقال: انه بعد فرض إطلاق أدلة الترخيص يحكم العقل برفعه في كل واحد مع الإتيان بالآخر فمع فرض الإتيان بهما لا يكون مرخصا في واحد منهما و ان فرض انه لو ترك واحد منهما يكون غير الحرام فالترخيص في كل واحد على فرض ترك الآخر لا ينتهى إلى الاذن في المعصية كما هو واضح- هذا.
و لكن الشأن في إطلاق أدلة الاستصحاب و يمكن دعوى الفرق بين أدلة الترخيص و بين أدلة الاستصحاب بان الأولى مطلقة دون الثانية لأن الاستصحاب بما انه مجعول بملاحظة الواقع و التحفظ عليه كالاحتياط في الشبهات البدوية لو فرض جعله يمكن منع إطلاق أدلته بالنسبة إلى أطراف العلم الإجمالي بالانتقاض (تأمل).
الكلام في قاعدة اليد
هذا كله حال الاستصحاب مع الأمارات و الأصول، و اما حاله مع ساير القواعد مما وقع الكلام في أماريتها و أصليتها فلا بد من بيان أدلتها و حدود دلالتها حتى يتضح الحال فيها فلا بأس بصرف الكلام إليها بنحو البسط تبعا للشيخ الأعظم، فنقول: يقع الكلام فيها في مباحث:
الأول في قاعدة اليد
و لها جهات من البحث:
الأولى مهية اليد فيما نحن فيه
أي ما هو موضوع بناء العقلاء و الأدلة الشرعية هي الاستيلاء العرفي و السلطنة الفعلية على الشيء أيّ نحو من الاستيلاء كان و على أي شيء تعلق و هو يختلف بحسب الموارد و بحسب المستولى عليه، فالاستيلان على متاع البيت بنحو، و على البيت بنحو، و على القرية بنحو، و على توابعها بنحو، و على مراتعها بنحو و على التلال و الجبال التي هي من التوابع البعيدة بنحو، كما ان استيلاء السلاطين أو الدول على المملكة بنحو و على الحدود و الثغور بنحو على البحار التابعة لها بنحو و على الجو و المحيط بنحو و هو يختلف حسب اختلاف الأزمنة ففي سالف الزمان لم يكن الجو البعيد نحو ميل أو أكثر و قعر البحار العميقة تحت الاستيلاء و السلطنة الفعلية و الآن يكون كل ذلك إلى حدود تحتهما و إذا حدثت آلات أرقى مما هي الآن يتسع نطاق الاستيلاء و السلطنة