الأول: أن يكون الكلام نفيا أريد به النهي، كما في قوله تعالى { فلا رفث و لا فُسُوق و لا جِدال فِي الْحجِّ } [1]و قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم«لا سبق إلاّ في خف أو حافر أو نصل»[2]
وقوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم«لا غش بين المسلمين»و«لا عمل في
الصلاة»و غير ذلك مما لا يهمنا ذكره، والسر في صحة هذا الاستعمال ان
الاخبار عن عدم شيء كالاخبار عن وجوده، وكما يصح الاخبار عنه في مقام
الأمر به، كذلك يصح الاخبار عن عدم شيء في مقام النهي عنه.
و مما ذكر يظهر أنه لا وجه لما ذكره في الكفاية[3]من
عدم تعاهد استعمال هذا التركيب في مقام النهي مع كونه من الكثرة بمكان،
وعلى هذا فمفاد الجملتين حرمة الإضرار بالغير، وحرمة القيام مقام الضرر.
الثاني: ما أفاده في الكفاية[4]من
كون مفاد الجملتين نفي الحكم بلسان نفي موضوعه، كما في قوله عليه السلام
«لا ربا بين الوالد والولد»و«لا سهو على الإمام إذا حفظ عليه من خلفه»[5]و أمثال ذلك، وعليه فمفاد الجملتين نفي الأحكام الثابتة لموضوعاتها إذا كانت ضررية.
الثالث: ما أفاده الشيخ قدّس سرّه من أن مدلول الجملتين نفي الحكم الناشئ
من قبله الضرر، فكل حكم ضرري سواء كان الضرر ناشئا من متعلقه كما هو
الغالب، أم كان ناشئا من نفسه كلزوم البيع الغبني، يكون مرتفعا في عالم
التشريع[6].
و الفرق بين هذا الوجه والوجه الثاني هو أن الوجه الثاني يختص بما إذا كان
متعلق الحكم ضرريا في نفسه كالوضوء الموجب للضرر، وأما هذا الوجه فيعم ما
إذا