فإن الظاهر من
قوله عليهالسلام إذا ورد عليكم حديثان مختلفان ، أن الإمام عليهالسلام بصدد علاج مشكلة التعارض بين حديثين معتبرين في أنفسهما لو
لا التعارض ، فيكون دليلاً على عدم قدح المخالفة مع الكتاب في حجية كل منهما
الاقتضائية. نعم لا يوجد فيه إطلاق يشمل جميع أقسام الخبر المخالف مع الكتاب ،
لأنه ليس في مقام بيان هذه الحيثية ليتم فيه الإطلاق ، فلا بد من الاقتصار على
المتيقن من مفاده ، ولا يبعد أن يكون القدر المتيقن منه هو المخالفة على نحو
القرينية والجمع العرفي كما في موارد التخصيص والتقييد والحكومة.
السادسة
ـ هل تصدق المخالفة فيما إذا كان الخبر مخالفاً مع إطلاق من
القرآن الكريم ، كما تصدق فيما إذا كان مخالفاً مع عمومه ، أم لا؟ ذهب السيد
الأستاذ ـ دام ظله ـ إلى الثاني ، مدعياً في وجه ذلك : « أن الإطلاق غير داخل في
مدلول اللفظ بل الحاكم عليه هو العقل ببركة مقدمات الحكمة التي لا يمكن جريانها في
هذه الصورة ، فالمستفاد من الكتاب ذات المطلق لا إطلاقه كي يقال أن مخالفه زخرف
وباطل » [٢].
وهذا الّذي أفاده
ـ دام ظله ـ مما لا يمكن المساعدة عليه. لأنه لو أريد منه تطبيق المبنى المتقدم
اختياره له في باب المطلقات من توقف تمامية الإطلاق على عدم البيان الأعم من
المتصل والمنفصل ، والكتاب إذا كان بالعموم كان بياناً رافعاً لموضوع الإطلاق في
الخبر وإذا كان بالإطلاق ومقدمات الحكمة لم يحكم العقل بالإطلاق في شيء منهما.
ففيه :
أولا ـ عدم تمامية
المبنى ، على ما تقدم توضيحه مفصلاً.