عدم وجود مكافيء
للصلاة في الأهمية ، فمن الواضح وقوع التعارض الحقيقي حينئذ بين إطلاق خطاب ( صل )
وإطلاق خطاب ( أزل ) لأن كلاً منهما يدل حينئذٍ على وجوب متعلقه مطلقاً حتى مع
الاشتغال بالآخر ، ونتيجة هذا الإطلاق إلزام كل من الخطابين بصرف القدرة في متعلقه
بدلاً عن متعلق الآخر.
كما أنا إذا قبلنا
الأمر الأول وأنكرنا الأمر الثاني ، وقلنا باستحالة الترتب ، فسوف يحصل التنافي
بين الخطابين ، ولو كانا مشروطين بالمخصص اللبي ، من ناحية أدائه إلى فعلية كلا
الخطابين المجعولين في فرض العصيان ، وهذا يعني سراية التنافي إلى عالم الجعل
واستحالة ثبوت الخطابين المشروطين بما هما مشروطان أيضا ، وهو معنى التعارض.
وأما دخول التزاحم
إثباتاً ونفياً في التعارض الاصطلاحي ، فهو مسألة اختيار ، لأن مقوم التعارض
الاصطلاحي التنافي بين المجعولين في عالم الفعلية ، فإن عمم هذا التنافي بين
المجعولين للتنافي غير المباشر بينهما ـ ولو باعتبار ما يستتبعه المجعول من تنجز
وامتثال ـ دخل التزاحم في التنافي المصطلح ، لأن كلا من المجعولين في موارد
التزاحم ينافي المجعول الآخر ، لا بنفسه بل بامتثاله.
وأما نسبة البحث
الأصولي في التزاحم إلى البحث الأصولي في التعارض الاصطلاحي ، فهي نسبة البحث
الصغروي إلى البحث الكبروي ، لأن بحث التعارض الاصطلاحي يفي ببيان أحكام وقوانين
التعارض المستحكم وأحكام وقوانين التعارض غير المستحكم « موارد الجمع العرفي »
وعلى بحث التزاحم تقع عهدة تحقيق الصغرى ، إذ يبحث عما إذا كان هناك تعارض مستحكم
في مورد التزاحم أولا ، وذلك عن طريق دراسة الأمرين السابقين اللذين يتوقف على
تماميتهما خروج التزاحم عن التعارض الحقيقي ، فإن ثبت الأمران وانتفى التعارض
المستحكم انفتح مجال للحديث عن قوانين الترجيح والتخيير في باب التزاحم ، وهي كلها
في الحقيقة تطبيقات لقانون الورود الّذي يتعهد بحث التعارض الاصطلاحي بتنقيحه
كبرويا ـ على ما يأتي تفصيله وتوضيحه إن شاء الله لدى دراسة نظرية الورود ـ.