إذا كان التعارض
المستقر مستوعباً لتمام مدلول الدليلين بحيث لا يبقى بعد تقديم أحدهما مجال للآخر
، كما في موارد التعارض بنحو التباين ، فيقع الكلام عنه تارة : في تنقيح الموضوع
وأنه متى يكون التعارض مستقراً ، وأخرى : في أحكامه.
أما
البحث في تنقيح الموضوع ، فقد يحاول إخراج المتعارضين عن التعارض المستقر ، والجمع بينهما انطلاقاً من
قاعدة أن الجمع مهما أمكن أولى من الطرح ، فيؤخذ بكل من الدليلين في جزء من مفاده.
والواقع أن هذه
القاعدة يمكن تقريبها بأحد وجهين :
الأول
ـ التفسير المدرسي والبدائي لها ، وهو أننا نأخذ بكل من
الدليلين في جزء من مدلوله ونطرح جزئه الآخر ليكون قد عملنا بهما معاً ، فلو ورد
مثلاً ( ثمن العذرة سحت ولا بأس ببيع العذرة ) حملنا الأول على عذرة غير المأكول
والثاني على عذرة المأكول ، فإن العمل بهما في تمام مدلولهما وإن كان متعذراً إلاّ
أن هذا لا يسوغ طرحهما في تمام مفادهما ، لأن الضرورات تقدر بقدرها دائماً ،
فليعمل بشيء من مدلول كل منهما فيكون جمعاً بين الدليلين.
وهذا التفسير واضح
البطلان ، فإن ترك جزء من مفاد كل دليل أخذاً