والمتلخّص : أن
هناك نسبة واقعية خارجيّة ، ونسبة واقعية ذهنية ، ونسبة تحليلية ذهنية. والنسبة
الواقعية تستدعي لا محالة طرفين وجوديين متغايرين في صقع وجودها ذهناً أو خارجاً ،
بخلاف النسبة التحليلية التي هي جزء تحليلي من ماهية الموجود وليست ثابتة في صقع
الوجود على وجه الجزئية ، وما هو مدلول الحرف انَّما هو النسبة التحليلية لا
النسبة الواقعية في صقع الذهن فضلاً عن صقع الخارج ، لأنَّ النسبة الواقعية
الذهنية تستدعي طرفين وجوديين متغايرين ومتى ما افترضنا طرفين كذلك استحال إيجاد
الربط بينهما بنحو قابل للحكاية عن النسبة الخارجية كما برهنَّا عليه.
فان قيل ـ يمكن
المناقشة في البرهان المذكور باختيار دعوى إيجاد الربط بقيام النسبة الواقعية
المكانية ، لكن لا بين اللحاظين ليقال انَّهما وجودان ذهنيّان وعرضان نفسيّان ،
ولا معنى لقيام النسبة المكانية بينهما ، بل بين الملحوظين.
قلنا ـ إن أريد
بقيام النسبة بين الملحوظين قيامهما بين الملحوظين بالذات ، فمن الواضح أن الملحوظ
بالذات نفس اللحاظ ، وبهذا يرجع إلى قيامهما بين نفس اللحاظين ، وإن أريد قيامهما
بين الملحوظين بالعرض بما هما ملحوظان بالعرض ، أي بالمقدار المطابق لما هو
الملحوظ بالذات ، فمن الواضح انَّ هذا لا يمكن إلا مع أخذ ما يكون قابلاً للحكاية
عن تلك النسبة في مرتبة الملحوظ بالذات ، لأنَّ الملحوظ بالعرض لا يرى إلا بمنظار
الملحوظ بالذات وقد عرفت سابقاً امتناع ذلك ، وإن أريد قيامهما بين الملحوظين
بالعرض بذاتيهما لا بما هما ملحوظان ، فهذا صحيح غير أنَّه لا ينفع لإيجاد الربط
في عالم الذهن الّذي هو المطلوب كما هو واضح.
وإن قيل ـ انَّنا
ندّعي ان في الذهن وجوداً لحاظيّا لماهية النار ووجوداً لحاظيّا آخر لماهية الموقد
، وكما انَّ كلّ واحد من هذين الوجودين رغم كونه وجوداً لماهية النار أو الموقد
بحيث يرينا بالنظر التصوّري ناراً وموقداً ليس في الحقيقة وبالنظر التصديقي ناراً
وموقداً بل صورة ذهنية ، كذلك نفرض وجوداً لحاظيّا للربط بين ذينك الوجودين
الذهنيّين ، وهذا الوجود الربطي بالنظر التصوّري نسبة مكانية كما انَّ طرفيه
بالنظر