ما لا يكون المعنى
الحرفي معبّراً عن وجود خارجي لا ربطي ولا رابطي.
وثانياً : انَّ
المقصود من استفادة العرض النسبي من قولنا « زيد في الدار » إن كان استفادة معنى
الأين بما هو هيئة قائمة بالمتأين بلحاظ نسبة خاصة بينه وبين ظرفه ومكانه ، فهذا
ممَّا لا يستفاد بالمطابقة من اللفظ أصلاً وإن كان المقصود استفادة النسبة الخاصة
القائمة بين المتأين والمكان الّذي يتواجد فيه ، فهذا صحيح غير انَّ هذه النسبة
بنفسها نحو من الربط ليست بحاجة إلى ربط آخر بطرفيها ليقال بأنَّ الهيئة تتكفّل
بربطها بطرفيها.
وثالثاً : انَّ
مفاد الحرف إذا كان عرضاً نسبيّاً. فان أريد العرض النسبي بوصفه مفهوماً من
المفاهيم ، فهذا يعني كونه مفهوماً مستقلاً في عالم الذهن على حدّ استقلالية سائر
المفاهيم الاسمية ، لوضوح انَّ مفهوم العرض بما هو قابل للوجود الاستقلالي في
الذهن ، فيبقى السؤال عن الفرق بين الحرف والاسم الموازي له وإن كان وجوده في
الخارج في نفسه عين وجوده لموضوعه. وإن أريد العرض النسبي بوجوده الخارجي الرابطي
، فهو واضح البطلان ، لأنَّ الوجود الخارجي لا يعقل أن يكون مدلولاً بالذات للكلام
، لأنَّ المدلول بالذات للكلام يجب أن يكون قابلاً لطرو الوجود الذهني واللحاظ
عليه كما هو واضح.
تعديل الاتجاه الثالث
وتصحيحه
وبعد ان اتّضح
الاتجاه الثالث مدّعى وبرهاناً ، وتبيّن انَّ جملة من الأقوال يمكن أن تكون مجرّد
تعبيرات مختلفة عنه نقول : انَّ التحقيق انَّ هذا الاتجاه بحاجة إلى تعديل وإصلاح.
ذلك أن مقتضى ما ذكرناه في توضيح هذا الاتجاه انَّ في صقع الذهن موجودات ثلاثة عند
تصوّرنا لمفاد « النار في الموقد » اثنان منهما موجودان في أنفسهما وهما الصورة
الذهنية للنار والصورة الذهنية للموقد ، والثالث موجود لا في نفسه وهو الربط
القائم بينهما ، وهذا المعنى مستحيل بالبرهان. فنحن ننكر أن لدينا في هذه الحالة
وجودين ذهنيين مغايرين أحدهما للنار والآخر للموقد وهناك نسبة واقعية في عالم
الذهن قائمة بينهما ، إذ لو كان هناك وجودان ذهنيّان كذلك لاستحال الربط