وهكذا ، يتّضح حتى
الآن ، الاتجاه الثالث مدّعى وبرهاناً. ويتبيّن : أن جملة من الأقوال يمكن أن تكون
مجرّد تعبيرات مختلفة عن ذلك المدّعى الّذي أوضحناه في تنقيح هذا الاتجاه.
٤ ـ وضع الحروف للأعراض
النسبية
وهناك قول في
المعاني الحرفية نسب إلى المحقق العراقي ( قده ) في تقريرات بحثه [١] وإن كانت مقالاته
غير متطابقة مع تمام ما نسب إليه في هذا القول ، وهو مذهب يتأرجح بين الاتجاهات.
وحاصل ما نسب إليه
: انَّ الموجودات في العين على أنحاء. منها ، وجود الجوهر. ومنها ، وجود العرض
بأقسامه التسعة المعبر عنه بالوجود الرابطي. ومنها ، ربط الاعراض بموضوعاتها أي
الوجود الرابط والعرض قد يتقوّم بموضوع واحد ، ـ كمقولة الكيف ـ وقد يحتاج في
تحققه إلى موضوعين ـ كالأين والإضافة ـ والسيرة العقلائيّة على جعل دوال على كلّ
هذه الأمور ، وقد جعلت الأسماء دالة على الجواهر وجملة من الأعراض ، والهيئات دالة
على الربط بأنحائه ، فبقي أن يدلّ الحرف على الاعراض الإضافية النسبية التي تحتاج
إلى موضوعين ، والهيئة في الجملة المشتملة على الحرف تدلّ على ربط هذا العرض بكلّ
من موضوعيه. وبكلمة أخرى : انَّنا نستفيد من الجملة المذكورة العرض النسبي والربط
المخصوص معاً ، فلا بدَّ امَّا من افتراض دلالة الحرف على الأول والهيئة على
الثاني أو العكس والثاني باطل ، لوجدانية انَّ الهيئة لا تدلّ على العرض فيتعيّن
الأول وهو المطلوب.
ويرد عليه : أولا
: انَّ الألفاظ ليس من الضروري ان تتطابق مع قائمة المقولات الحقيقية والوجودات
الخارجية العينيّة بمراتبها وأن نجد مدلول كل واحد منها ضمن هذه القائمة ، لأن
معنى اللفظ قد يكون أمراً اعتباريّاً أو انتزاعيّاً أو عدماً صرفاً وليس من
المقولات بوجه سواءً في الأسماء ـ كلفظ العدم مثلاً ـ أو في الحروف ، إذ كثيراً