وإن أريد به :
انَّ الحرف ليس له مدلول في عرض مدلول الاسم الّذي يشاركه في تكوين الجملة وانَّما
مدلوله طولي دائماً ، بمعنى أنَّه يشخص المراد من الاسم. ففي قولنا « الصلاة في
المسجد » تدلّ ( في ) على أنَّ المراد من الصلاة فعل مخصوص بخصوصية الوقوع في
المسجد ، ومن أجل ذلك يشبه بالحركات الإعرابية. فيرد عليه : انَّه إن قصد بذلك
انَّ الحرف يشخص انَّ المراد الاستعمالي من كلمة الصلاة ذلك فهو غير صحيح ، لأنَّ
استعمال لفظ الصلاة في الحصة الخاصة بخصوصها مع كونها موضوعة للطبيعة الجامعة مجاز
، وإن قصد بذلك انَّ الحرف يشخص المراد الجدّي من كلمة الصلاة فهذا يعني نظر الحرف
إلى مرحلة المراد الجدّي وهو واضح البطلان ، فانَّ الحرف يساهم في تكميل الجملة في
مرحلة المدلول الاستعمالي ، ولهذا لا تكون الجملة تامّة بدون الحرف سواءً كان لها
مدلول جدّي أو لا.
وإن أريد به :
انَّ الحرف ليس دالاً مستقلاً كما هو الحال في الاسم بل يستحيل أن يكون إلا دالاً
ضمنيّاً والدال المستقل هو المجموع المركّب من الحرف والاسم ، فهذا معنى دقيق
وعميق وهو الّذي يقتضيه منهجنا العام في تحقيق المسألة ـ على ما يأتي ـ إذ يتّضح
ان من لوازم عدم استقلالية المعنى عدم استقلالية الدلالة.
٢ ـ آليّة المعنى الحرفي
وقد ذهب أصحاب هذا
الاتجاه ومنهم المحقق الخراسانيّ ( قده ) في كفاية الأصول ـ إلى أنَّ معاني الحروف
هي نفس معاني الأسماء ذاتاً ، وإنَّما الفرق بينهما في اختصاص كلّ منهما بوضع
معيّن ، حيث وضع الاسم ليراد منه معناه بما هو هو وفي نفسه ووضع الحرف ليراد به
معناه لا كذلك بل بما هو آلة وحالة لغيره ، وهذا الاختلاف في الوضع هو الّذي يكون
موجباً لعدم جواز استعمال أحدهما في موضع الآخر وإن اتّفقا فيما له الوضع [١].