إلا أن هذا ليس تصحيحا
موفقا ، إذ لم يشتمل على إبراز المائز الحقيقي الجامع بين كافة مسائل العلم وإنما
هو مجرد عطف للمسائل التي لم يشملها التعريف على ما شملها من مسائل العلم ؛ الأمر
الّذي كان ممكنا منذ البداية بأن يقال : ان علم الأصول هو علم مباحث الألفاظ أو
الملازمات العقلية أو الأصول العملية وهكذا.
وهناك محاولتان
للتغلب على هذا الإشكال بنحو آخر.
إحداهما : ما
أفاده المحقق النائيني ( قده ) : من أنه إذا أريد بالحكم المأخوذ في التعريف الأعم
من الحكم الواقعي أو الظاهري دخلت مباحث الأصول العلمية أيضا [١].
وهذا الجواب لا
يمكن المساعدة عليه. إذ يرد عليه :
أولا : ان الحكم
الظاهري المحفوظ في موارده الأصول العملية يمثل نفس القاعدة الأصولية العملية وليس
مستنبطا منها كما هو المطلوب في التعريف ، على ما سوف يأتي في شرح معنى الاستنباط.
وثانيا : ان جملة
من الأصول العملية التي يبحث عنها في علم الأصول لا تتضمن الحكم الشرعي حتى
الظاهري ، وإنما هي مجرد وظيفة عملية يقررها العقل حين يعجز عن الانتهاء إلى حكم
شرعي بشأن الواقعة المشتبهة.
والأخرى ـ ما
أفاده السيد الأستاذ ( دام ظله ) من أن المراد بكلمة الاستنباط في التعريف هو
التوصل إلى الحجة على الحكم ، أي إثباته ولو تنجيزا أو تعذيرا لا خصوص الإثبات
الحقيقي الواقعي. ولا إشكال في أن الأصول العملية بجميع أنواعها تثبت التنجيز أو
التعذير تجاه الحكم الواقعي الشرعي [٢].