والاطراد بهذا
المعنى يكون بحسب الحقيقة مشخصا لصغرى علامية التبادر وليس علامة مستقلة ، لما
تقدم من أن التبادر وانسباق معنى من اللفظ انما يكون علامة على الحقيقة فيما إذا
كان حاقيا أي مستندا إلى الوضع لا القرينة أو الأنس الشخصي ، وباطراد التبادر ينفي
عادة استناد التبادر إلى غير الوضع ، خصوصا إذا استعال المستعلم بتبادر غيره أيضا
، إذ ينفي به احتمال ارتكاز قرينة عامة في حياة فرد معين تصرف ذهنه عن المعنى
الحقيقي.
الثاني : اطراد
الاستعمال ، ويراد به صحة استعمال اللفظ في معنى معين في موارد مختلفة مع إلغاء
جميع ما يحتمل كونه قرينة على إرادة المجاز وقد ذكر السيد الأستاذ ـ دام ظله ـ ان
هذا الأسلوب هو الطريقة الوحيدة المتبعة غالبا لمعرفة الحقيقة والوضع [١].
ويرد عليه : ان
اطراد الاستعمال في موارد مختلفة مع إلغاء ما يحتمل كونه قرينة لا تتوقف على أن
يكون المعنى المستعمل فيه اللفظ في تلك الموارد حقيقيا بل قد يكون مجازيا ؛ لأن
الاستعمال المجازي بلا قرينة صحيح أيضا. وكأنه وقع خلط بين اطراد الاستعمال في
معنى واطراد انسباقه من اللفظ في موارد عديدة الّذي سميناه باطراد التبادر ، فان
الأخير علامة على الحقيقة دون الأول.
الثالث : الاطراد
في التطبيق بلحاظ الحيثية التي أطلق من أجلها اللفظ ، كما إذا أطلق ( الأسد ) على
حيوان باعتباره مفترسا وكان مطردا في تمام موارد وجود حيثية الافتراس في الحيوان
فيكون علامة كونه حقيقة في تلك الحيثية.
وقد اعتراض عليه
المحقق الخراسانيّ قدسسره : بأن هذا المعنى من الاطراد ثابت في المعاني المجازية
أيضا إذا كان يحفظ فيه مصحح المجاز وإنما لم يطرد تطبيق استعمال ( الأسد ) مثلا في
جميع موارد المشابهة مع معناه الحقيقي لعدم كفاية مطلق الشبه في تصحيح المجاز بل
لا بد من المشابهة في أبرز الصفات ، ومع حفظ ذلك يكون الاستعمال مطردا [٢].