رجل شجاع » مع ان
الوجدان قاض بأن استفادة معنى الشجاعة من الأول أبلغ وآكد ، وهذا يكشف لا محالة عن
أقربية تفسير السكاكي لهذا المجاز.
ويندفع ذلك : بأن
كون ذلك أبلغ وآكد محفوظ حتى على مقالة المشهور ، لأن كلمة « أسد » ليست مرادفة في
مدلولها الاستعمالي المجازي لكلمة الرّجل الشجاع بل تزيد عليه غالبا بملاحظة
الرّجل الشجاع بما هو شبيه بالحيوان المفترس ومناظر له في الشجاعة فكأن الكلام
يستبطن تشبيها أيضا.
٢ ـ مدى حاجة المجاز إلى
الوضع
بعد افتراض ان
التجوز يرجع إلى مرحلة الاستعمال يقع الكلام في نقاط.
منشأ الدلالة على المجاز
النقطة الأولى :
انه من أين نشأت دلالة اللفظ على المعنى المجازي مع عدم الوضع ومعلومية ان الدلالة
اللفظية التصورية ليست ذاتية.
وقد يتوهم الجواب
على هذا التساؤل : بأن الدلالة نشأت من القرينة على المجاز. وهذا التوهم غير صحيح
، لأننا نتكلم فيما يناظر الدلالة الوضعيّة وهو الدلالة التصورية للفظ على المعنى
المجازي وهذه الدلالة بوجودها الشأني ليست مستندة إلى القرينة وذلك.
أولا : لأن اللفظ
بحد ذاته فيه صلاحية إخطار المعنى المجازي وإن كان بدرجة أضعف من اقتضائه لإخطار
المعنى الحقيقي ، ولو لا ذلك لما صح استعمال اللفظ في المعنى المجازي بلا قرينة.
وثانيا : ان
القرينة غالبا لا تصلح لإخطار المعنى المجازي وإنما تصلح لصرف الذهن عن المعنى
الحقيقي ، ففي قولنا « أسد يرمي » ليس في كلمة « يرمي » دلالة تصورية ولو التزاما
على الرّجل الشجاع ، بل فيها دلالة على إنسانية الأسد فقط بقرينة الرماية واما
كونه رجلا شجاعا فهو بدلالة نفس لفظ « الأسد » وعليه فلا بد من تفسير لدلالة اللفظ
على المعنى المجازي.