« جئني بأسد »
يكون مرادك الاستعمالي المطالبة بحيوان مفترس ومرادك الجدي المطالبة برجل شجاع ،
والعناية التي يدعى فيها كون الرّجل الشجاع حيوانا مفترسا بالحمل الشائع هي التي
تربط عرفا ذاك المراد الاستعمالي بهذا المراد الجدي على الرغم من تغايرهما.
ويرد عليه :
أولا : ان التجوز
لا ينحصر بموارد احتواء الكلام على المراد الجدي بل يتصور في موارد الهزل أيضا
وتمحض الكلام في المراد الاستعمالي ؛ فان كان المجاز مرادا هنا في مرحلة المدلول
الاستعمالي فهو خلف المدعى ، وإن كان مرادا في مرحلة المدلول الجدي فهو خلف هزلية
الكلام.
وثانيا : ان
افتراض كون هذا الفرد فردا من المعنى الحقيقي انما يناسب كلية المعنى الحقيقي ولا
يتأتى حيث يكون جزئيا ؛ فلو قيل بأن لفظتي الشمس والقمر مثلا موضوعتان لهذين
النيرين الخاصّين فكيف نفسر على أساس العناية المذكورة قولنا « هؤلاء أقمار أو
شموس » مع أن المدلول جزئي ، وهذا بخلافه على المسلك الآخر فانه لا مانع بموجبة من
أن يكون المعنى الحقيقي جزئيا والمعنى المجازي كليا.
هذا ، مضافا : إلى
الوجدان القاضي بأن إسباغ صفات المعنى الحقيقي ادعاء على شيء قد يؤدي عكس المقصود
للمتجوز ، فمن يريد أن يبالغ في جمال يوسف فيقول انه « بدل » ليس في ذهنه إطلاقا
ادعاء ان يوسف مستدير كالبدر ، وإلا لفقد جماله كإنسان ، لأن صفات البدر انما تكون
سببا للجمال في البدر بالذات لا في شيء آخر.
وعلى هذا الأساس ،
فما ذكره السكاكي لا يصلح أن يكون تفسيرا عاما للتجوز.
والصحيح ما عليه
المشهور من أن الأصل في التجوز كونه راجعا إلى المدلول الاستعمالي ومرحلة اللفظ.
وقد يتوهم : ان
ذلك يؤدي إلى أن يكون قولنا « زيد أسد » مرادفا لقولنا « زيد