أخيرا من كون المروّة من لوازم العفاف، فقد مرّ ما فيه فتذكر.
و مما فصّلنا القول فيه تبيّن عدم اعتبار المروّة في العدالة الشرعية، و انّ الإتيان بما ينافيها ليس ضائرا بها و لا موجبا بمجرده للكشف عن عدم الملكة أو عن عدم العفّة و الحياء الملازمين للملكة عندهم، و لقد أفرط من جعل الإتيان بما ينافي المروّة مرّة موجبا لزوال العدالة مع أنّه لا يقول به في المعصية الصغيرة.
الثاني: في تحقيق حال الكبائر.
و الكلام فيها من جهات:
الأولى
: في انقسام المعاصي حقيقة إلى كبائر و صغائر، و الحق ذلك كما هو ظاهر القرآن، و هو قوله تعالى: «إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفّر عنكم سيئاتكم» [1] و الأخبار الصحيحة [2] صريحة في انقسام المعاصي إلى الكبائر و الصغائر، فالقول بأنّ الكبر و الصغر إضافيان و أنّ المعاصي كلها كبائر سخيف جدا و تطويل الكلام فيه بلا طائل،
الثانية:
في أنّ العدالة هل تدور مدار اجتناب الكبائر بخصوصها، أو مدار اجتناب مطلق المعصية كما حكي عن جماعة من القدماء؟ و يشهد للأول صحيحة ابن أبي يعفور، حيث قال (عليه السَّلام): «و تعرف باجتناب الكبائر التي أوعد اللّه عليها النار» [3] و يشهد للثاني ما في رواية علقمة، و هو مفهوم قوله (عليه السَّلام): «فمن لم تره بعينك يرتكب ذنبا» [4]، و قولهم (عليهم السَّلام) في عدة موارد: «إذا لم يعرف بالفسق» [5] و هو في العرف مطلق الخروج عن طاعة اللّه دون ما يقابل