قبول شهادة ولد الزنا، فإن أمكن الاستدلال بالفحوى فهو، و إلّا فقد عرفت أنّ ملاك قبول رأي الغير كونه عالما، كما أنّ ملاك قبول خبره كونه ثقة.
و منه تبيّن حال الإسلام و الإيمان بحسب القاعدة، و لذا لا ريب في قبول خبر الثقة و إن كان على خلاف رأي أهل الحق، و أمّا ما ورد عنهم (عليهم السَّلام): «لا تأخذنّ معالم دينك من غير شيعتنا» [1] فذيل الخبر شاهد على أنّ الإرجاع إلى المؤمن لعدم الأمن من خيانة غيره لا للتعبّد المحض، و عليه فلو قطع بأنّ كيفية اجتهاده و استنباطه على طريقة أهل الحق و قطع بأنّه لا يخبر إلّا عما هو رأيه و معتقده فقد أمن من خيانته من جميع الجهات.
و مثله الكلام في العدالة من حيث العمل، فانّه لا دليل عليها بالخصوص في مسألة التقليد، إلّا ما يتوهّم من الرواية المنسوبة إلى الإمام العسكري (عليه السَّلام) بقوله: «و أمّا من كان من الفقهاء صائنا لدينه- إلى قوله (عليه السَّلام):- فللعوام أن يقلدوه» [2] لكنه بعد المراجعة إليها يفهم منها أنّ اعتبار العدالة أيضا للأمن من الكذب و الخيانة لا تعبّدا، مضافا إلى ما ذكرنا مرارا من أنّ أدلة حجية الخبر و الفتوى واحدة، و لا يعتبر في الخبر إلّا الوثوق، و عليه عمل الأصحاب أيضا فلا وجه لاعتبار الزيادة في الفتوى، و أمّا آية النبأ [3] الدالّة على طرح خبر الفاسق و قبول خبر العادل، فبمقتضى مناسبة الحكم و الموضوع لا تستدعي أزيد من اعتبار الوثوق، فانّ الفاسق طبعا لا مبالاة له بالكذب، فالاعتماد على خبره في معرض الوقوع في خلاف الواقع، بخلاف العادل و من يوثق بخبره و إن كان فاسقا بالجوارح، و بهذا تختص العلة بخبر الفاسق، مضافا إلى أنّ اعتبار العدالة من حيث الخبر لا دخل له بالاعتبار من حيث الفتوى،
[1] الوسائل: ج 18، باب 11 من أبواب صفات القاضي، ح 42.
[2] الوسائل: ج 18، باب 10 من أبواب صفات القاضي، ح 20.