من الأفقه على الخلاف، كسائر الأدلة المتكفلة للأحكام الواقعية المترتبة على موضوعاتها، و إن كان فعليتها و تنجزها منوطا بالوصول و الإحراز موضوعا و محمولا، فهي مقيّدة لنفوذ الحكم بصورة عدم الحكم بخلافه من الأعلم لا بصورة العلم بالحكم بخلافه من الأعلم.
و منه تبيّن الجواب عن الثالث، فانّ الإطلاقات على فرض ثبوتها متقيّدة بعدم الحجة المعارضة لا بالعلم بها. و بالجملة فانّ لزوم إعمال المرجّح في فرض المعارضة واقعا، و إن كانت فعلية الحكم و العمل لا تكون إلّا مع إحراز المعارضة.
و عن الرابع: أنّ المفروض ثبوت فتوى من الأعلم، لكنه يشك في معارضتها لا أنّه يشك في أصل وجود المعارض، حتى يقال: انّ بناء العقلاء على عدم الفحص عنه، و دعوى سيرة الأصحاب على العمل بالفتاوى ما لم يعلم معارضها لا شاهد لها.
و منه تبيّن الجواب عن الخامس فانّه لم يعلم من العقلاء بناؤهم على عدم معارضة الموجود، بل على عدم وجود المعارض عند الشكّ في أصله، بل يمكن أن يقال: إنّ الرجوع إلى المفتي إن كان من باب سيرة العقلاء و بنائهم على الرجوع إلى أهل الخبرة، فلا محالة ليس لهم بناءان بنحو العموم و الخصوص، بل بناؤهم عملا على الرجوع إلى الأعلم من دون فحص، و على الرجوع إلى غيره بعد الفحص عن معارضة الأعلم له، فلا مقتضى للحجية في غير الأعلم إلّا بعد الفحص، فالفحص عن الأعلم ليس من جهة الفحص عن الحجة، حتى يقال:
إنّه خلاف ظاهر الأدلة، بل من جهة تمامية المقتضي لحجية غيره بناء على الحجية ببناء العقلاء.
الثاني
: إذا علم اختلاف المجتهدين، و لكن شك في أعلمية كل منهما من الآخر، فالأمر أوضح مما مر.