الإنذار لا يصدق على الإخبار عن ترتب العقاب على شيء و لو التزاما، إلا إذا كان مقتضيا للخوف عادة، و لا يكون كذلك إلا إذا كان حجة، و إلا لم يكن مقتضيا له، لقاعدة قبح العقاب بلا بيان، فالآية كاشفة عن الحجية و إن لم تكن متكفلة لها. نعم إن كان التفقه موقوفاً على إعمال النّظر كانت الآية دليلًا على حجية الفتوى و إلا فلا، و من الواضح صدق التفقه في الصدر الأول بتحصيل العلم بالأحكام بالسماع من النبي صلى اللّه على و آله أو الإمام (عليه السَّلام)، فلا دلالة لها حينئذٍ إلا على حجية الخبر فقط، و الإنذار بحكاية ما سمعوه من المعصوم (عليه السَّلام)، من بيان ترتب العقاب على شيء فعلًا أو تركاً لا ينبغي الريب فيه، بل الإفتاء و القضاء أيضا كان في الصدر الأول بنقل الخبر، فتدبّر. و أمّا آية السؤال فظاهرها و إن كان لزوم السؤال لكي يعلموا بالجواب لا بأمر زائد عليه، فيكون كاشفاً عن الحجية و وجوب القبول تعبّدا، إلا أنّ سياق الآية يقتضي السؤال من أهل الكتاب، و تفسيرها يقتضي السؤال من أهل الذّكر (عليهم السَّلام).
و مما ذكرنا في طيّ الكلام من أنّ الإفتاء في الصدر الأول كان بنقل الخبر لا بإظهار الرّأي تعرف ما في الاستدلال بما دلّ على جواز الإفتاء و الاستفتاء كما يظهر بالمراجعة إلى موارد إطلاقاته في الأخبار، و هكذا الأمر في قوله (عليه السَّلام): «فللعوام أن يقلّدوه» فانّ التقليد عرفا صادق على قبول ما أخبر به الغير أيضا من غير دليل على المخبر به، بل الظاهر من نفس هذه الرواية المتضمنة لهذه الفقرة هذا المعنى، فراجع.
تتمة
: الظاهر من شيخنا العلّامة الأنصاري [1](قدّس سرّه) أنّ وجوب التقليد مقدمي لا نفسي و لا شرطي شرعي، لأنّه مقدمة للامتثال الظاهري