لكن حيث إنّ ترتيب الأثر لا يدور على الفرض مدار حصول الظنّ، بل مدار ما هو بطبعه سبب لظنّ الخير في نظر الشارع، فيمكن أن يقال: إنّ الأشياع متفاوتة في نظر الشارع من حيث الصلاحية لظنّ الخير و عدمها، فلعل الظنّ الحاصل من غير حسن الظاهر ظنّ في غير موقعه، و المفروض عدم دوران الحكم مدار الظنّ الفعلي بالخير حتى يجب ترتيب الأثر بمجرد حصوله، بل مدار ما هو صالح لإفادة ظنّ الخير في نظر الشارع، و لم يحرز أنّ كل سبب نوعي لظنّ الخير سبب في نظر الشارع و أنّ حصول ظنّ الخير منه في موقعه، فتدبّر جيّدا.
مسألة
: هل يجوز العدول عن مجتهد حي إلى مجتهد حي آخر أو لا؟ قولان:
حكي التصريح بجوازه عن المحقق و الشهيد الثانيين (قدّس سرّهما) في الجعفرية و المقاصد العليّة [1] تبعا للمحكي عن النهاية و ظاهر المحكي عن التهذيب و شرحه و الذكرى [2] عدم الجواز، و اختاره شيخنا العلّامة الأنصاري (قدّس سرّه) في رسالة الاجتهاد و التقليد [3].
و الظاهر في نظري القاصر هو الأول. و توضيحه يتوقف على تنقيح ما يقتضيه الأصل في المسألة.
فنقول و من اللّه التوفيق فانّه غاية المأمول: حجّية فتوى المجتهد على المقلّد إمّا من باب الطريقيّة أو من باب الموضوعيّة.
فإن كانت من باب الطريقيّة فالصحيح منها كون فتوى المجتهد منجّزة للواقع على تقدير الإصابة و معذّرة عنه على تقدير الخطأ، و مع فرض التعارض لا معنى لمنجّزيّة كلّ منهما، لعدم احتمال الإصابة في كليهما، فالتقدير غير محقق إلّا
[1] المقاصد العلية: كتاب الصلاة، ذيل البحث العاشر، من بحث لزوم الاجتهاد أو التقليد في افعال الصلاة، ص 29.