و يمكن الاستدلال له عموما بأنّ الوثوق و الاطمئنان علم عادي في نظر العرف و العقلاء.
و هو بمجرده غير مجد، إذ الحكم إن كان مرتّبا على الموضوع المعلوم صحّ أنّ يدّعي أنّ المراد من العلم و المعرفة عرفا ما يعمّ الوثوق و الاطمئنان، و أمّا إذا كان الحكم مرتبا على الواقع فالتوسعة في مفهوم العلم غير مجدية في إحراز موضوع الحكم حقيقة، بل لا بدّ من دليل على تنزيل ما يوثق به منزلة الواقع، و لا دليل عليه إلّا ما يدّعى من السيرة المستمرة على ترتيب آثار الواقع على ما يوثق به، و بناء العقلاء على المعاملة مع الوثوق و الاطمئنان معاملة العلم الحقيقي، و الأوّل راجع في الحقيقة إلى الثاني، حيث لم تعلم سيرة من المتشرعة بما هم كذلك بل بما هم عقلاء، و الالتزام بالثاني لا يخلو من تأمّل، و إلّا لزم القول به في جميع الموارد، فيكتفي به في تنجّز كلّ حكم لم تقم عليه حجة شرعية أو عقليّة بل كان مما يوثق به، و يكتفي به في الخروج عن عهدة ما تنجّز و لو مع التمكّن من العلم الحقيقي في كلا المقامين هذا.
و يمكن الاستدلال له خصوصا بقوله (عليه السَّلام): «لا تصلّ إلّا خلف من تثق بدينه و أمانته» [1].
فإن قلت: لا إطلاق له، فلعلّه الوثوق الخاصّ الحاصل من البينة، أو من حسن الظاهر.
قلت: لازمه إمّا لغويّة التنزيل، أو تقييد أدلّة البيّنة و حسن الظاهر بصورة إفادة الوثوق، إذ مع إطلاق اعتبار البيّنة و حسن الظاهر لا معنى لتنزيل الوثوق
[1] الوسائل: ج 5، باب 11 من أبواب صلاة الجماعة، ح 2.