و الاختصاص به، لكونه أوّل النشئات الوجوديّة، عند الجمهور، أو ما هو باطنه، و هو الشيء في كمون ذاته، و مكنون ماهيّته، و إطلاق الأمّ على الماهيّة، بلحاظ جهة قبولها، كما أطلق الأب على الباري تعالى، في بعض الكتب السماوية، بلحاظ جهة فاعليته.
ثمَّ إنّه ظهر ممّا ذكرنا معنى ما لهجت به ألسنة العرفاء، من أنّ العلم تابع للمعلوم، فإن المراد ما عرفت، من ثبوت الماهيات، على ما هي عليه في العلم الأزلي، من دون تأثير مؤثّر في ما هي عليه، و هو تعالى لم يولّ أحداً، إلا ما تولّى، و لم يعطه إلا ما أعطاه من نفسه، و ما ظلمهم اللّه، و لكن كانوا أنفسهم يظلمون.
فاتضح من جميع ما ذكرنا أنّ إيجاد من سيوجد منه موجبات العقاب، أو إيجاد هذه الموجبات، عين العدل و الصواب، كما أنّ منه اتّضح، كون ما في دار الوجود خيرات محضة، و الشرور مرجعها العدم، إذ الإفاضة على ما عرفت، على وفق قبول القوابل، و الشيء لا ينافي مقتضاه، فإفاضة الوجود على الماهيات، كائنة ما كانت، إفاضة على ما يلائم الشيء. إذ الشيء يلائم ذاته و ذاتياته، و لوازمه.
و هذه نبذة مما يتعلّق بالمقام، و بسط المقال في هذا المجال، لا يسعه الحال، فليرجع إلى الكتب المفصلة المبسوطة، من فنّ الحكمة، و اللّه وليّ الرشد و العصمة، و هذا آخر ما أردنا إيراده في هذه المسألة الشريفة، بمقدّماتها، و لوازمها، و توابعها، و الحمد للّه على ذلك.
كتبها بيده الفانية الجانية، محمد حسين بن محمد حسن الأصفهانيّ النجفي، عاملهما اللّه بلطفه الجلي و الخفي.