و قد اختلفوا في حقيقتهما غاية الخلاف، فعن جماعة أنّ الكلام الإنشائيّ قول قصد به ثبوت المعنى في نفس الأمر و ارتضاه شيخنا الأستاذ دام ظله [1].
و تقريبه: أنّ المراد بنفس الأمر ليس هو الخارج، إذ ربما لا يكون سنخ المعنى سنخ الأمور الخارجية، مضافاً إلى عدم معقولية علّية اللفظ لوجود أمر في الخارج، و منه علم أنّه لا يراد منه الذهن أيضا، حيث إنّ اللفظ ليس يعقل أن يكون بنفسه علّة لوجود معنى ذهني، و الانتقال من سماع الألفاظ إلى المعاني لا ربط له بعلّية اللفظ لوجود المعنى في الذهن، بل من جهة الملازمة الوضعيّة بين اللفظ و المعنى، فتصوّر اللفظ من جهة سماعه مستلزم لتصوّر المعنى، لا أنّ اللفظ علّة له، مضافاً إلى عدم اختصاص هذا المعنى بالألفاظ الإنشائيّة، بل جار في جميع الألفاظ الموضوعة، و حينئذٍ فالمراد بنفس الأمر حدّ ذات الشيء من باب
[1] و هو المحقّق الخراسانيّ (قدّس سرّه) في كفاية الأصول ج 1، في بحث اتحاد الطلب و الإرادة، و في الفائدة الأولى من فوائده (صلى اللَّه عليه و آله) 275.