ثم يرضى بها، بل على سبيل أنّ نفس علمه بنظامها الجملي الفاضل رضاه بها و اختياره إياها [1]» إلى غير ذلك مما في كلمات أساطين الحكمة و المعرفة ممّا يدلّ على تغاير المفهومين و اتحادهما مع الذات.
و أمّا رجوع حقائق الصفات بعضها إلى بعض في ذاته تعالى، ففي العلم و الإرادة على نهج واحد، فكما أنّ حقيقة علمه بذاته راجعة إلى وجوده و موجوديته لنفسه، كذلك حقيقة إرادته الذاتيّة عبارة عن خيريّته لنفسه، و صرف الخير ليس إلا صرف الوجود، فحيثية الموجوديّة لنفسه راجعة إلى حيثيّة الخيريّة لنفسه، و حيثية الخيريّة لنفسه عين حيثية الموجودية لنفسه، فكما أنّ إرادته راجعة إلى علمه، كذلك علمه راجع إلى إرادته و رضاه، و كل عين ذاته، و مع ذلك فالمفاهيم مثار المغايرة و الكثرة و لا تصح أن يقال: ليست إرادته إلا مرتبة من علمه، و هو العلم بالأصلح، فافهم و استقم.
[الردّ على من قال بأن الإرادة في المخلوق اعتقاد النّفع لا صفة نفسانية]
و العجب من بعض أعاظم العصر حيث ذهب إلى أنّ الإرادة في المخلوق اعتقاد النّفع لا صفة نفسانية أخرى غير العلم، لوجوه سخيفة زعم نهوضها لإثبات ذلك، و هي و إن كانت بديهية البطلان عند أهل النّظر، لكن لا بأس بالإشارة إليها و إلى دفعها.
منها: انّ الإرادة لو كانت صفة نفسانية غير العلم لكان ترتّب فعل عليها دون فعل آخر ترجيحاً بلا مرجّح، حيث إنّ الإرادات جميعها متحدة بالسنخ و لا اختلاف بينها إلا بالمشخصات الوجودية بخلاف العلم، فانّ تغاير أفرادها بتغاير متعلقاتها فلو ترتب متعلّقه عليه دون ما لم يتعلّق به لم يكن ترجيحاً بلا