و إلا لم يكن ممكن أبداً فانه مع وجود العلّة واجب و مع عدمها ممتنع، فمتى يكون ممكناً؟ و ليس الأمر بالأهم في ظرف عدم امتثاله امراً بقلب العدم المحقق حتى يكون محالًا ذاتاً أو وقوعياً، بل الأمر بالإيجاد امر بطرد العدم البديل لا قلب العدم البديل، و العدم البديل الّذي هو مأمور بطرده هو عين امتناعه بالغير الّذي يجامع إمكانه ذاتاً و وقوعياً و استعدادياً، لوجود القدرة على طرد العدم البديل الّذي قد اختار نفس العدم البديل له و هو الامتناع بالغير.
و بالجملة فمبنى هذا البرهان على عدم المنافاة بالذات بين المقتضيات، بل بين فعليّة مقتضاها من حيث الانتهاء إلى اجتماع الضدين أو إعمال القدرة في الإتيان بالمتضادين، و مع الترتب يستحيل انتهاء الأمرين الفعليين إلى اجتماع الضدين أو إعمال القدرة فيهما لتضاد الامتثالين، فتدبّر جيّداً.
و في المسألة برهان آخر أسس بنيانه السيد العلامة الشيرازي [1](قدّس سرّه) و شيّد أركانه بعض أعلام العصر [2] (طاب ثراه) و هو ان الأمر بالضدين إنّما يستحيل إذا آل إلى طلب الجمع بينهما، و هو لازم إطلاقهما لا لازم فعليتهما و لو بنحو ترتب الأمر بالمهم على عصيان الأمر بالأهم، لاستحالة أوله إلى طلب الجمع، و هذه النتيجة متوقفة عندهم على مقدّمات:
(منها)- ان الواجب المشروط لا يخرج بحصول شرطه عن الاشتراط إلى الإطلاق، لرجوع الشرط إلى الموضوع، و الموضوع لا يخرج عن الموضوعيّة بفعليته المستتبعة لفعلية حكمه، و إلا لزم الخلف من كونه حكماً لذلك الموضوع. و فائدة هذه المقدمة انه مع الخروج عن الاشتراط إلى الإطلاق يكون الأمران مطلقين، فيكون حاله كما إذا لم يكن بينهما ترتب.
(و منها)- ان عصيان الأمر بالأهم شرط مقارن للأمر بالمهم، و لا موجب