لا ريب في إمكان الاشتراك، لعدم موجب لامتناعه ذاتاً أو وقوعياً، إلا ما ربما يتخيل من أن- جعل ما يستلزم ملازمتين ذهنيّتين استقلاليتين- يقتضي حصول انتقالين دفعة واحدة في آن واحد، إذ المفروض استقلال كلّ منهما بالجعل و عدم ترتب بين المجعولين. و يندفع بأن الوضع ليس علّة تامة للانتقال بل مقتض له و حيث ان فرض الاشتراك فرض اقتضاءات متساوية الأقدام، فلا يكون المقتضي فعلياً إلا بالقرينة المعينة. و اما مع تعدد القرينة أو ملاحظة الانتقال التصوري، فنمنع استحالة انتقالين دفعة في آن واحد، لبساطة النّفس و تجردها كما يشهد له حضور الموضوع و المحمول معاً عند الحكم بثبوته له.
و بالجملة فالنقل المتواتر دالّ على وقوعه في الجملة، و هو أخصّ من الإمكان و المعروف ان القرء للحيض و الطهر، و الجون للبياض و السواد.
و قد التزم بعض [1] من أنكر وقوعه في اللغة بإرجاع المشتركات إلى الجامع، حتى في المثالين، نظراً إلى استحالة التقابل بين معنيين لا جامع بينهما، مستشهداً بعدم التقابل بين الظلمة و الحمار، و لا بين العلم و الحجر. و قد بيّنا ما فيه في التعليقة [2]، و ان من أنحاء التقابل السلب و الإيجاب، و عدم الجامع بينهما بديهي. و لا جامع بين السواد و البياض إلا اللون، و لازمه إطلاق الجون على كلّ لون، فان الفصول بما هي لا جامع لها، و إلا لزم الخُلف.
الفصل الرابع
في إمكان استعمال اللفظ في أكثر من معنى و امتناعه حتى يتمكّن من