و قد أشكلنا عليه في التعليقة [1] بالجمع بين اللحاظ الآلي و الاستقلالي، حيث ان اللفظ في مرحلة الاستعمال ملحوظ آلي، و في مرحلة الوضع- حيث انه أحد طرفي العلقة الوضعيّة- ملحوظ استقلالي، و المفروض حصول الوضع بنفس الاستعمال.
و دفعناه هناك بأنه من قبيل جعل الملزوم بجعل لازمه، فهناك جعلان كلّ منهما ملحوظ بما يناسبه من اللحاظ، نظير جعل الملكية بجعل لازمها بقوله:
سلّطتك عليه- مثلًا- قاصداً به استقلالًا حصول الملك له.
و امّا على مسلكنا من كون الوضع من الاعتبارات فسبق الاستعمال بالاعتبار لا محذور فيه، و قرينة المقام- في مثل قوله (صلى اللَّه عليه و آله): «صلّوا كما رأيتموني أصلي» [2] على اعتبار اختصاصه به- كافية في الدلالة على سبقه.
و عليه فالاستعمال حقيقي لسبقه عندنا بالوضع، و كذا عنده (قدّه) لعينية الوضع و الاستعمال. و لا موجب لسبق الوضع زماناً، و كذلك بناءً على جعل الملزوم بجعل لازمه، فان المقارنة الزمانية لا تنافي التقدّم الذاتي.
ثمَّ ان الوضع التعييني و إن كان بعيداً، إلا أن الوضع التعيّني- في الصدر الأوّل بكثرة استعمال الشارع للصلاة و الصوم و الزكاة و الحج و أشباهها من الألفاظ المتداولة في لسان الشارع و ألسنة تابعيه- لا بعد فيه، بل حصول الوضع به في أيام قلائل قريب جدّاً، و إنكاره مكابرة، و لذا قلنا بأن البحث قليل الجدوى.