و الحكم الظاهري تارة يستفاد من أدلّة الطرق و الأمارات، و أخرى من أدلّة الأصول الشرعية، فيقع الكلام في مقامين:
(المقام الأوّل)- في اجزاء الأوامر الطرقية [1] و الأمارية. و مختصر القول فيه انه بناء على كون تلك الأوامر من باب الطريقية- بكون الإنشاء بداعي تنجيز الواقع أو بداعي إيصال الواقع عنواناً أو اعتباراً- لا ينبغي الريب في عدم الاجزاء، حيث ان الأمر الطريقي لم ينبعث إلا عن مصلحة الواقع، و المفروض انه قد انكشف خلافه. و اما بناء على الموضوعية و السببية و انبعاث الأمر عن مصلحة غير مصلحة الواقع، فالمعروف هو الاجزاء. و الكلام حينئذٍ انه هل يعقل المصير إلى الموضوعية و السببية، أو كما هو المعروف يستلزم التصويب المجمع على بطلانه؟ و على فرض عدم لزوم التصويب هل يلزم القول ببدليّة المصلحة حتى يترتب عليه الاجزاء، أو لا طريق إلا إلى أصل المصلحة دون البدلية؟ فالكلام في امرين:
(أحدهما)- ان القول بالموضوعية هل يستلزم التصويب أم لا؟ فنقول: فعل الواجب الواقعي تارة تكون مصلحته متقيّدة بعدم قيام الأمارة على خلافه، و حيث لا مصلحة مع قيام الأمارة المخالفة فلا وجوب واقعاً، و أخرى تكون مصلحته مزاحمة في التأثير بمصلحة المأمور به الظاهري، فلا وجوب واقعاً، لفرض عدم تأثير مصلحة الواقع، و الوجوب الواقعي و ان كان له نحو من الثبوت من باب ثبوت المقتضى بثبوت مقتضية إلا ان هذا النحو من الثبوت غير مجد، بل اللازم الحكم المشترك بثبوته الخاصّ به في نظام التشريع. و كلا الوجهين من التصويب المجمع على بطلانه. إلا ان الموضوعية لا تنحصر في هذين القسمين، بل لنا ان نتصور مصلحة في الفعل واقعاً من دون تقيد في أصلها و لا مزاحمة في