أنّ الرّواية لا تعلّق لها بقاضي التّحكيم بل لا معنى له بعد دلالتها على
نصب جميع من اجتمع فيه شرائط الحكومة من الإيمان و معرفة الأحكامو غيرهما و
ليس فيها ما يشعر بذلك إلاّ قول السّائل قلت فإن كان كلّ رجل يختار رجلا
من أصحابنا فرضيا أن يكونا ناظرين في حقّهما إلى آخرهو قد عرفت المراد منه
بحيث لا تعلّق له بالحكومة المتعارفة و قاضي التّحكيم أصلا نعم
فيما يفرض فيه قاضي التّحكيم لا معنى لجريان ما تسالم عليهالمشهور فيه من
وكول أمر تعيين محضر الحاكمين المتساويين إلى المدّعي و عدم اعتبار رضا
المنكر أصلا ضرورة منافاة جريانه في قاضيالتّحكيم لمعناه فإنّ المراد من
قاضي التّحكيم ما تراضى الخصمان على الرّجوع إليه مع عدم نصبه للقضاء من
جانب الولي للقضاء لا خصوصا و لا عمومابشرط أهليّته لذلك و اجتماع جميع
الشّروط عدا النّصب فيه ثمّ
إنّ المقبولة و المرفوعة على تقدير اعتبارها و إن كانتا متعارضتين منجهات
أخر أيضا في ظاهر النّظر إلاّ أنّ تعارضهما من جهتها لما ترجع إلى الإطلاق
و التّقييد فقد تعرّض قدس سره لحكمه في طيّ الموضع الثّالث
بالعنوانالكلّي بقوله الثّالث أنّ مقتضى القاعدة إلخ نعم
ذيلاهما متعارضان لا بالعنوان المذكور فقد زعم بعض على ما عرفت الإشارة
إليه في مطاويكلماتنا السّابقة الجمع بينهما بحمل ذيل المقبولة على ما
أمكن فيه الاحتياط و حمل ذيل المرفوعة على ما لا يمكن فيه الاحتياط فلا
تعارض بينهما أصلاو قد عرفت فساده و أنّ عدم موافقة أحد المتعارضين
للاحتياط لا يلازم عدم إمكان الاحتياط في المسألة فإنّه إذا تعارض
الخبرانفي القصر و التّمام مثلا في بعض المسائل فليس شيء منهما موافقا
للاحتياط مع إمكان الاحتياط بالجمع بينهما و هكذا الأمر في جميع موارد
تعارضالخبرين في الشّك في المكلّف به في صور المتباينين فالمتعيّن الجمع
بينهما بما أسمعناك سابقا من حمل الأمر بالتّوقّف على الأولويّة و
الإرشادكما يرشد إليه التّعليل المذكور بعده في التّعرض لحال سائر الأخبار الواردة في الباب و التوفيق بينهما بقدر الإمكان
قوله
قدس سره أنّ الحديث الثّامن إلخ(1) أقول
ظهور الحديث الثّامن من فيما أفاده بضميمة عدم القول بالفصلمضافا إلى
وحدة السّياق ممّا لا ينبغي إنكاره إلاّ أنّه لا يتعيّن طرحه بعد إمكان
حمله على الأولويّة و الإرشاد العقلي حيث إنّ العقل مستقلّبأولويّة تحصيل
الواقع علما بالرّجوع إلى الإمام عليه السلام من الرّجوع إلى الطّرق
المعتبرة و ليس الحديث نصّا في لزوم تقديم التّحصيل حتّى يتعيّنطرحه من
جهة معارضة مع ما هو نصّ في جواز التّرجيح مع التّمكن من تحصيل العلم
كالمقبولة نعم
من ذهب إلى كون المرجّحات المنصوصةمن الظّنون الخاصّة المقيّدة كما يظهر
من كلام بعضهم في أصل حجّيّة الأخبار أيضا يلزمه العمل بظاهر الحديث و
تقييد المقبولة صدرا و طرحهاذيلا كما هو ظاهر و لا محذور في هذا التّبعيض
عقلا إذا ساعده الدّليل و إن كان مستبعدا جدّا إلاّ أنّ القول به ضعيف قطعا
و خلافما يقتضيه قاعدة الجمع بين النّص و الظّاهر كطرح الحديث على ما
استظهره شيخنا العلاّمة قدس سره بقوله و الظّاهر لزوم طرحها
لمعارضتهابالمقبولة الرّاجحة عليها فيبقى إطلاقات التّرجيح تسليمة قوله
الثّالث أنّ مقتضى القاعدة تقييد إطلاقات إلخ(2) أقول
مبني ما أفاده علىكون المقبولة أجمع و أشمل من غيرها في بيان المرجحات و
ليس الأمر كذلك بناء على حمل صدرها على التّرجيح من حيث الحكومة على ما بني
عليهالأمر سابقا في الجمع بينها و بين المرفوعة اللّهمّ إلاّ أن يكون ما
أفاده في المقام إغماضا عمّا ذكره سابقا و مع ذلك لا بدّ من
الالتزامبتقييد في المقبولة بناء على العمل بما اشتمل على التّرجيح
بالأحدثيّة ثمّ
إنّ الوجه فيما أفاده ظاهر حيث إنّ حمل المطلق على المقيّد ممّا هومركوز
في الأذهان لا يحتاج إلى بيان و توظيف من الشّارع فلا يطالب الدّليل عليه و
إن لم يبعد ما أفاده أخيرا بقوله إلاّ أنّه قد يستبعدذلك إلخ قوله
الرّابع أنّ الحديث الثّاني عشر إلخ(3) أقول
لا يبعد شمول الحديث للرّوايات الإماميّة بعد حمل قوله فيجيء منكم
خلافهعلى مجيء الخلاف من الأئمّة عليهم السلام لا بعنوان النّقل و
الرّواية من النّبي صلى اللَّه عليه و آله مضافا إلى أنّ نسخ حديث النّبي
صلى اللَّه عليه و آله بحديثه كان أمرا شائعا معهودا فلايحتاج إلى التّنبيه
و البيان فتأمّل
و إن كان هذا النّحو من النّسخ أي كشف الحديث عن نسخ النّبي صلى اللَّه
عليه و آله و إيداعه عند الإمام عليه السلام كإيداع القرائنللظّواهر عنده
عليه السلام مع عدم بيانها في زمانه صلى اللَّه عليه و آله أصلا نادرا إلاّ
أنّه لا بأس به بعد ظهور الرّواية فيه و لا إشكال بل و لا كلام في تقديم
سائرالتّصرّفات في الدّلالة على النّسخ عند الدّوران كما تبيّن في محلّه و
يبيّن في الكتاب عن قريب إنّما الكلام في تقديم الطّرح من حيث الصّدورأو
جهته لمكان التّرجيح على النّسخ و لو فيما روى المتعارضان عن النّبي صلى
اللَّه عليه و آله أو تقديم النّسخ عليه و قد أشار إلى وجهي المسألة في
الكتاب و ظاهر عنوانهو إن كان مقتضيا لتخصيص محلّ الكلام بما يرد عن
الأئمّة عليهم السلام على خلاف حديث النّبي صلى اللَّه عليه و آله إلاّ أنّ
وجهي المسألة كما ترى جاريان في مطلق دورانالأمر بين التّرجيح و النّسخ و
أولى بالكلام و الإشكال ما دار الأمر فيه بين النّسخ و التّخيير اللّهمّ
إلاّ أن يلتزم بتقييد الحديث بما دلّ على التّرجيحو تقييد إطلاق التّخيير
بالحديث بناء على عدم التّلازم بين التّرجيح و التّخيير بحسب المورد فيجوز
التّفكيك بينهما فتأمّل ثمّ
إنّ هنا أمراينبغي التّنبيه عليه و هو أنّ الحديث العاشر و الحادي عشر
دلاّ على التّرجيح بالأحدثيّة من جهة كشف اللاّحق عن ورود السّابق بعنوان
التّقيّةكما هو صريح الأخير و قد استشكل شيخنا قدس سره فيه في مجلس البحث
من وجهين أحدهما
من جهة طرح الأصحاب لهما حتّى في مقابل التّخيير