و عدم اعتبار الأصل المثبت و إلاّ فالحكم ليس ما ذكر كما لا يخفى و ستقف
على شرح القول فيه إن شاء اللّه هذا حاصل القول فيالمسألة على سبيل
الإطلاق و الكليّة و أمّا في مثال دوران الخارج بين ما يوجب الغسل و الوضوء
فإن كان الدّوران بين البول و المنيفالظّاهر كون النّسبة بين حكمهما
العموم و الخصوص مطلقا لأنّ كلّ ما منع عنه الحدث الأصغر يمنع عنه الحدث
الأكبر أيضا و إن كانالدّوران بين البول و غير المني من الأحداث فالظّاهر
أنّه يوجد فيه ما هو أعمّ من وجه حكما من الحدث الأصغر فيختلف الحكم هذا هنا إعضال و دفع
ثمّ
هنا إشكال قد يتوهّم توجّهه على ما ذكره دام ظلّه و هو أنّ من المحقّق عند
المحقّقين و منهم الأستاذ العلاّمة أنّ الأحكامالشّرعيّة إنّما تتعلّق
بالطّبائع و الماهيّة باعتبار الوجود و كذلك المصلحة و المفسدة اللّتان
تسبّب عنهما الأحكام إنّما هي في الماهيّاتباعتبار الوجود الخارجي إذ
الماهيّة من حيث هي ليست إلاّ هي و باعتبار الوجود الذّهني لا يتعلّق به
غرض في الشّرع و لا يصير معروضا للحسنو القبح و معنى تعلّق الحكم
بالطّبيعة باعتبار الوجود الخارجي هو معنى تعلّقه بالفرد فلا يكون في
الشّرع حكم تعلّق بالكلّي من حيث هوحتّى يتكلّم في جواز استصحابه ليترتّب
هذا الحكم عليه و لكنّك خبير بفساد هذا الإشكال و عدم توجّهه على ما ذكره
دام ظلّه إذتعلّق الحكم بالطّبيعة باعتبار الوجود المطلق غير تعلّقه بها
باعتبار وجوده الخاص أعني الفرد و بالجملة فرق واضح بين القول بتعلّق
الأحكامبالأفراد و بين تعلّقها بالطّبائع باعتبار الوجود و تحقيق القول
فيه يطلب من محلّه ثمّ
إنّه لا يتوهّم رجوع الإشكال المذكورإلى ما أشرنا إليه من الإشكال على
الجميع بين استصحابي الفرد و الكلّي في القسم الأوّل فإنّ ذلك الإشكال
مبناه على اتحاد الوجودينو ما في المقام على تعلّق الحكم الشّرعي بالكلّي و
الطّبيعة باعتبار الوجود الخارجي فيتوهّم كونه عين الفرد في الخارج كما
ربما يستظهر منقولهم إنّ الشّيء ما لم يتشخّص لم يوجد قوله
دام ظلّه و توهّم عدم جريان الأصل إلخ(1) أقول
و حاصل هذا التّوهم يرجع إلى أنّ أمرالمستصحب في الواقع بعد البناء على
عدم وجود الكلّي إلاّ في ضمن الأفراد بل بناء على القول بوجوده مستقلا أيضا
إذ لم يقل أحد بوجودالكلّي مستقلاّ بحيث ينكر الارتباط بين وجوده و وجود
الفرد دائر بين ما هو مقطوع الارتفاع على تقدير وجوده في ضمنه أو جمعهمعه
في الوجود و بين ما هو مشكوك الوجود و لو كان على تقدير وجوده باقيا قطعا
فإذا نفينا وجوده بالأصل فلا يبقى مجال للحكم ببقاءالكلّي لا يقال
إنّ أصالة عدم وجود أحد الفردين في الزّمان السّابق معارضة بأصالة عدم وجود الفرد الآخر لأنّا نقول
لم نرد بجريان الأصل في أحدهما إثبات وجود الآخر حتى يحكم بانتفاء الكلّي
بل نريد منه نفي وجود الكلّي في ضمنه فينضمّ إليه القطعبانتفائه على تقدير
وجوده في ضمن الفرد الآخر فيحكم منهما بنفي الكلّي هذا و حاصل ما ذكره دام
ظلّه في دفع هذا التّوهّم أنّدوران أمر الكلّي في الواقع بين الشيئين لا
يمنع من استصحابه بالنّسبة إلى الأحكام المترتّبة عليه لعدم منع هذا
الدّورانعن الشّك في بقائه عرفا و هو كاف في جريان الاستصحاب على ما عليه
بناء المشهور في توضيح التّوهم المذكور في الكتاب و دفعه من وجوه
قوله
دام ظلّه لتوهّم كون الشّك في بقائه إلخ(2) أقول
حاصل هذا التوهّم يرجع إلى أنّ الشّك في بقاء الكلّي بعد فرض دورانه بين
ما هو مقطوع الارتفاع على تقدير وجودهو ما هو مقطوع البقاء كذلك مسبّب عن
الشّك في وجوده في ضمن ما هو مقطوع البقاء قطعا على تقدير وجوده فإذا
أجريناالأصل بالنّسبة إليه و حكمنا بعدم وجوده ظاهرا فلا مجال لإجراء الأصل
بعده بالنّسبة إلى الكلّي لما ستقف عليه و اعترفبه الأستاذ العلاّمة دام
ظلّه من أنّ الأصل في الشّك المسبّب لا يجامع الأصل في الشّك السّببي في
الدّخول تحت دليل الأصلبل الدّاخل هو الشّك السّببي و يلزمه رفع الشّك
المسبّب سواء كان الأصلان فيهما متعاضدين أو متعارضين فإذا أجري الأصلفي
المقام بالنّسبة إلى الشّك في وجود الفرد و حكمنا بعدمه يلزمه رفع الشّك عن
بقاء الكلّي المسبّب عنه على سبيل الحكومةفيحكم بعدمه فلا مجرى لاستصحاب
وجوده بعده هذا كلّه على القول باعتبار الاستصحاب من باب التّعبّد و أمّا
على القول باعتبارهمن باب الظّن فالأمر واضح كما لا يخفى و قد تقدّم شطر
من الكلام في ذلك أيضا في طيّ كلماتنا السّابقة فراجع هذا ملخّص
هذاالتّوهّم و فيه أوّلا
منع سببيّة الشّك في الكلّي عن الشّك في وجود الفرد و إنّما المسبّب عنه
احتمال بقائه و أمّا احتمال ارتفاعهفمسبّب عن احتمال وجوده في ضمن الفرد
الآخر المشكوك وجوده أيضا فالحكم بارتفاعه لا يمكن إلاّ بعد إثبات كون
الموجود فيالسّابق هو الأقلّ استعدادا من الفردين و هو لا يجوز حتّى على
القول باعتبار الأصول المثبتة لمكان المعارضة فإنّ أصالة عدموجود الأكثر
استعدادا للبقاء حينئذ معارضة بأصالة عدم وجود الأقلّ استعدادا في الزّمان
السّابق فيحكم بوجود الآخر و بقاء الكلّيأيضا توضيح
ذلك أنّ الشّك في وجود شيء الّذي عبارة عن احتمال وجوده و عدمه قد ينشأ طرفاه عن الشّك في وجود