بمجرّد ورود المخصّص فإنّهما وردا في مقام التّحديد المانع عن تخصيصهما
مهما أمكن أو يقال بأنّ ما دلّ على اعتبار المسح بالثّلاثة إنّما هومن جهة
عدم حصول النّقاء بالواحد في الأغلب لا من جهة اعتبار خصوص الثّلاثة تعبّدا
هذا ما ذكره الفريد البهبهاني في تعليقته علىالمدارك لرفع التّعارض
بينهما و تحقيق القول في أصل المسألة في الفقه قوله
دام ظلّه و أصل البراءة بعد ثبوت النّجاسة إلى آخره(1) أقول
أراد أنّ المورد من موارد أصالة الاشتغال لا أصالة البراءة لأنّ الشّك في
حصول المكلّف به بعد القطع بثبوت التّكليف فيتعيّنإجراء قاعدة الاشتغال
حتّى بناء على القول بجريان البراءة فيما كان الشّك في المكلّف به من جهة
تردّد مفهومه و إجماله حسب ما عرفتتفصيل القول فيه في الجزء الثّاني من
التّعليقة و هذا و إن كان مخالفا لما ستعرف من المحقّق المذكور بإطلاقه
إلاّ أنّه في كمال المتانةو الجودة على ما عرفت تفصيل القول في مسألة أصالة
البراءة و يمكن أن يكون المقصود التّمسّك بالاستصحاب لا قاعدة الاشتغال
لكنّهبعيد في الغاية كما لا يخفى قوله
دام ظلّه الظّاهر حجيّة الاستصحاب بمعنى آخر إلخ(2) أقول
الوجه في مغايرته إمّا لأجل كون المراد به مجرّدالحكم على طبق الحالة
السّابقة و لو بقاعدة الاشتغال و البراءة و إمّا لكون الحكم فيما ذكره ليس
من جهة التّعويل على الحالة السّابقة حسب مانسبه إلى القوم بل لشيء آخر
دلّ على اعتبار الاستصحاب في بعض أقسامه هذا و ستقف على التّعرض لهذه
الفقرة من كلامه في الكتاب في إمكان القول بحسن الاحتياط بالنّسبة إلى الاستصحاب و الكراهة
قوله
دام ظلّه أمّا على الأوّل فلأنّه إذا كان أمر أو نهي إلخ(3) أقول
جريان قاعدة الشّغل بالنّسبة إلى الإيجاب فيما فرضه ظاهر لا سترةفيه كما
ستقف عليه و بالنّسبة إلى التّحريم يتكلّم فيه عند تعرّض شيخنا له أمّا
بالنّسبة إلى الاستحباب و الكراهة فلا إشكال في عدمجريان القاعدة المبيّنة
على لزوم دفع الضّرر و العقاب المحتمل إلاّ أنّه يمكن أن يقال بحكم العقل
بحسن الاحتياط بالنّسبة إليهما علىنحو حسنهما فيكون حكم العقل الإرشادي
بالاحتياط من سنخ الحكم الشّرعي المولويّ المتعلّق بالفعل أو التّرك فإن
كان إلزاميّا كان حكمهإلزاميّا أيضا و إن كان غير إلزاميّ كان حكمه أيضا
كذلك فلعلّ ظهور هذا المعنى و وضوحه دعا شيخنا دام ظلّه لعدم التّعرض
لهعند الكلام في فقرات كلامه و لعلّه يأتي الإشارة إلى ذلك منّا بعيد هذا قوله
و فيه تفصيل لأنّه إن ثبت إلخ(4) أقول
المعروففي لسان غير واحد بل قد عرفته من الأستاذ العلاّمة أيضا عدم إلحاق
المحقّق بالشّك في وجود الغاية إلاّ الشّك في مصداق الغايةمن جهة الاشتباه
المصداقي دون المفهومي و أنت خبير بأنّ ظاهر كلامه هذا إلحاق الشّك في
المصداق مطلقا بالشّك في مصداق الغايةمن جهة الاشتباه المصداقي دون
المفهومي و أنت خبير بأنّ ظاهر كلامه هذا إلحاق الشّك في المصداق مطلقا
بالشّك في وجود الغايةسواء كان سبب الشّك الأمور الخارجيّة أو إجمال مفهوم
الغاية و إنّما لم يلحق الشّك في كون الشّيء غاية مستقلّة مع تبيّن
مفهومالغاية المعلوم تقيّد الحكم بها فتدبر قوله
دام ظلّه فتأمّل(5) أقول
لعلّ الوجه فيه المنع من الثّانية أيضا بعد تطرّق المناقشةإن كانت مانعة
عن الظّهور العرفي للرّوايات و إلاّ لم يمنع من الاستدلال بها على ما صار
إليه و إن كانت إرادة الأعمّ محتملة و الاعترافبالإجمال و إن كان ظاهرا في
الاحتمال الأوّل إلاّ أنّ قوله بعده و غاية ما يسلّم إلخ ظاهر في الاحتمال
الثّاني و الحقّ أنّ كلامه هذا لايخلو عن إجمال و أمّا الرّوايات فلا
إجمال فيها أصلا كما لا يخفى و يمكن أن يكون إشارة إلى عدم قدح المناقشات
في دلالة الرّوايةعلى حجيّة الاستصحاب فيما ذكره فتدبّر قوله
دام ظلّه لقد أجاد فيما أفاد إلخ(6) أقول
أي أجاد في فهم اختصاص دلالة الرّواياتبالشّك في الرّافع و عدم شمولها
للشّك في المقتضي إلاّ أنّه ما أجاد في تخصيصها ببعض أقسام الشّك في
الرّافع كما ستقف عليهإن شاء اللّه هذا كلّه بناء على كون الغاية من قبيل
الرّافع أو ملحقة به حكما و إلاّ فما أجاد في التّفصيل المذكور أصلا إلاّ
أنّك قد عرفتأنّ الغاية و إن لم يكن من الرّافع موضوعا إلاّ أنّها ملحقة
به في الحكم فراجع قوله
دام ظلّه أقول بقاء الحكم إلى زمان كذا إلخ(7) أقول
لا يخفى عليك أنّ ما ذكره كلّه إيراد على الوجه الأوّل أي التّمسك بقاعدة
الاشتغال و البراءة و أمّا الإيراد على التّمسك بالأخبارفسيذكره فيما بعد قوله
دام ظلّه فإن كان أمرا إلخ(8) أقول
لا يخفى عليك صحّة الرّجوع إلى قاعدة الاشتغال في الفرض الّذيذكره حتّى
على القول بالبراءة في الشّك في الجزئية لأنّ الشّك في المقام من الشّك في
المصداق و حصول المأمور به بعد تبيّن مفهومهفلا دخل له بالشّك في الجزئيّة
المستلزم لاشتباه المكلّف به مفهوما كما هو واضح على الأوائل فضلا عن
الأواخر نعم
قديتأمّل فيما ذكره دام ظلّه من التّقييد بما إذا لم يعارضه تكليف آخر
محدود بما بعد الغاية بناء على ما حقّقه دام ظلّه في بحث مقدّمةالواجب من
رجوع الواجب المعلّق إلى المشروط خلافا لبعض أفاضل معاصريه فإنّه في زمان
الشّك في الغاية لم يحصل القطع بالاشتغالبالنّسبة إلى التّكليف المحدود
بما بعد الغاية حتّى يجب تحصيل القطع بالبراءة عنه فلا يمكن أن يعارض
التّكليف المتيقّن سابقا هذاو لكنّك خبير بفساد هذا التّأمّل بناء على
تحقيقه دام ظلّه فإنّه و إن حقّق في بحث وجوب المقدّمة رجوع الواجب المعلّق
إلى الواجب