لا في إتيانه على طبق الواقع الموضوع للآثار و هذا أمر ظاهر لا سترة فيه
أصلا ثالثها عطف قوله و لا تظنّن بكلمة إلى آخره لقوله ضع أمر أخيكعلى
أحسنه فإنّه ظاهر كما لا يخفى على من له أدنى دراية في العطف التّفسيري في
كون المراد منهما شيئا واحداقوله
ثمّ إنّه لو فرضناأنّه يلزم من الحسن ترتيب الآثار إلخ (1)أقول
لا يخفى عليك الفرق بين هذا التّنزّل و سابقه و هو أنّه كان الكلام في
السّابق أن الرّواياتلا تدلّ إلاّ على عدم جواز اتّهام المؤمن و أنّه فعل
ما هو قبيح باعتقاده و حرام شرعا و أمّا الدّلالة على أنّ فعله متّصف بصفة
الحسنالشّرعي فلا و في هذا يكون الكلام في أنّه لو فرضنا دلالتها على وجوب
حمل فعل الأخ على أنّه فعل حسن و لو في مقام لا تنفك حسنه واقعاعن ترتيب
الآثار الوضعيّة عليه لم ينفع في إثبات ترتيب الآثار الوضعيّة عليه لعدم
دلالتها على ذلك و عدم كونها مسوقة لبيان إثباتالآثار الوضعيّةفي أنّ
للصّحة معان بعضها خارج عن محلّ النّزاع و بعضها داخل فيه
فتبيّن ممّا ذكرنا كلّه أنّ هنا معاني للصّحة بعضها خارج عن محلّ النّزاع و
إن دلّت عليه كثير من الآيات و الأخبار و بعضهاداخل في محلّ النّزاع لكنّه
ليس من مدلول الأخبار و الآيات المتقدّمة منها
حمل فعله على عدم كونه معصية و قبيحا عنده بمعنى عدماتّهامه في فعله و
هذا المعنى و إن دلّت عليه الآيات و الأخبار الكثيرة بل عرفت كونه من
ضروريّات الفقه إلاّ أنّ الكلام ليس فيه و منها
حمله على أنّه حسن واقعا من غير أن يحكم عليه بترتيب الآثار الوضعيّة و هذا
و إن أمكن استفادته من الأخبار أيضا إلاّ أنّه ليس محلّالكلام أيضا و
منها
حمله على أنّه صحيح عند الفاعل بمعنى ترتيب الآثار الوضعيّة المترتّبة على
ما كان صحيحا باعتقاد الفاعل عليه و هذاغير مستفاد من الآيات و الأخبار
المذكورة لكنّه ليس خارجا عن محلّ الكلام كما ستقف عليه إن شاء اللّه تعالى
و منها
حمله على أنّهصحيح واقعا بمعنى ترتّب الآثار الشّرعيّة المترتّبة على فعل
الصّحيح الواقعي عليه و إن كان الطّريق إليه يختلف باختلاف اعتقاد
الحاملينو بهذه الملاحظة يعبّر عن هذا المعنى بالصّحيح عند الحامل و هذا
أيضا غير مستفاد من الآيات و الأخبار المتقدّمة إلاّ أنّهمن محلّ الكلام
قطعافي أنّ التنظر المذكور في غير محلّه لوجهين
قوله
أ لا ترى أنّه لو دار الأمر بين كون الكلام إلخ (2)أقول
لا يخفى عليك أنّه قد يقال إنّ هذا التّشبيهو التّنظير الّذي ذكره في غير
محلّه من وجهين أحدهما
من جهة ما سيجيء من أنّ أصالة الصّحة بالمعنى المبحوث عنه في
الأفعالالصّادرة عن المسلمين لا يقضي بوجوب ردّ السّلام فيما لو شكّ في
أنّ الكلام الصّادر عن المسلم كان سلاما أو شتما و الوجه فيهأنّ أصالة
الصّحة لا يقتضي إلاّ الحكم بترتيب آثار الصّحة على الفعل بعنوانه الّذي
صار موضوعا للآثار بعد القطع بصدوره معنونابالعنوان المذكور و المعلوم
صدوره من المسلم في الفرض مجرّد الكلام لا السّلام فيجب ترتيب آثار كلام
الصّحيح لو كان له أثر لا إثباتكونه سلاما حتّى يجب ردّه على السّامع
الّذي توجّه الكلام إليه نعم
لو قطع بصدور السّلام ثمّ شك في كونه صحيحا بحسب القواعد العربيّةو من حيث
كون المقصود منه التّحيّة أو السّخريّة مثلا أو فاسدا حكم بوجوب ردّ
السّلام عليه ثانيهما
من جهة أنّه لا معنى لشمولالأخبار للمشبّه به أصلا حتّى فيما لو قطع
بصدور سلام منه شكّ في كونه فاسدا أو صحيحا حيث إنّ أخبار الباب إنّما ينفي
الحرج عنالفعل المردّد بين ما فيه حرج و ما لا حرج فيه و السّلام الفاسد
ليس ممّا فيه حرج على المسلّم قطعا حتّى يبنى على عدم صدورهعنه بمقتضى
الأخبار هذا و لكن يمكن أن يقال إنّ المقصود من الاستشهاد المذكور تقريب
منع دلالة الأخبار على المعنى المبحوث عنهمن حيث دلالتها على مجرّد نفي
الحرج عن الفعل المردد فكما أنّه لا يحكم في الكلام المردد بين كونه ممّا
فيه حرج و بين ما لا حرج فيه إلاّبنفي الحرج و أنّه كلام حسن و لا يترتّب
عليه الآثار الوضعيّة مع كونه ملازما في الواقع لما له أثر كذلك لا يحكم في
البيع المردّد بينما فيه حرج و بين ما لا حرج فيه إلاّ بكونه ممّا لا حرج
فيه من حيث إنّه كذلك لا بترتيب الآثار الوضعيّة عليه و إن كان بينهما فرق
بالنّسبةإلى المعنى الرّابع فإنّه بعد البناء على صحّة البيع لم يعقل له
معنى إلاّ ترتيب الآثار المترتّبة على البيع الغير الرّبوي من النّقل و
الانتقالو هذا بخلاف الكلام المردد بين كونه سلاما و كلاما فإنّه لا يحكم
من البناء على صحّته بأنّه سلام فيجب ردّه فإنّه لا يثبت بأصالةالصّحة
العنوانات الغير المعلومة حتّى يترتّب عليها الحكم الشّرعي على ما عرفت في
بيان الإشكال هذا حاصل ما يقال في دفع الإشكالالأوّل و أمّا الإشكال
الثّاني فلا إشكال في دفعه فإنّ عدم جريان هذا المعنى فيما لو دار الأمر في
السّلام بين كونه صحيحا و فاسدالا يلازم عدم جريانه فيما لو دار أمر
الكلام بين كونه سلاما أو شتما فإنّه لا إشكال في جريانه فيه لكونه دائرا
بين ما فيه حرج و ما لا حرجفيه و هذا أمر ظاهر لا سترة فيه أصلافي وجه
الاستشهاد بالرّواية على ما ذكره قدّس سره في الكتاب و في مجلس البحث
قوله
و ممّا يؤيّد ما ذكرنا جمع الإمام عليه السلام في رواية محمّد بن الفضل
إلخ (3)أقول
القسامةبالفتح في اللّغة اسم من يخبر عن شيء مع الحلف عليه كما عن
القاموس و غيره و في عرفهم يطلق على البيّنة العادلة كما ذكره الأستاذ
العلاّمةفيصير خمسون قسامة بحسب العدد على هذا مائة شاهد و ذكر الأستاذ
العلاّمة دام ظلّه أنّ عبارة القاموس و إن كانت ظاهرة في الأخبار