بما ذكر في الاستصحاب على خلاف الإجماع كما لا يخفىفي أنّ الشّك في الصّحة
هل هو ملحق بالشّكّ في الوجود أم لا
قوله
بل هو هو لأنّ مرجعه إلى الشّك في وجود الشّيء إلخ (1)أقول
لا يخفى عليكإنّ إرجاع الشّك في الصّحة إلى الشّك في الوجود بما ذكره
الأستاذ العلاّمة من أخذ المشكوك الشّيء الصّحيح لا ذات الشّيء لا يجدي
في الحكمبشمول الأخبار له على تقدير القول بظهورها في الشّك في أصل الوجود
ضرورة عدم رجوع الشّك في الصّحة إلى الشّك في الوجودبالاعتبار المذكور من
غير فرق في ذلك بين القول بوضع أسماء العبادات للأعمّ حتّى يحتاج إلى
اعتبار ما ذكر أو للصّحيح حتّى لا يحتاجإلى اعتباره فإنّه إذا قيل بأنّ
منصرف الأخبار هو الشّك في أصل الفعل بأن شكّ المكلّف في أنّه ركع مثلا أم
لا لم ينفع القول بوضعلفظ الرّكوع للصّحيح في شمولها لما إذا وقع الشّك في
بعض ما يعتبر فيه بعد القطع بوجوده و هذا أمر ظاهر لا سترة فيه أصلا و لذا
استشكلالأستاذ العلاّمة في الحكم بالإلحاققوله
و محلّ الكلام ما لا يرجع الشّك إلخ (2)أقول
لا يخفى عليك مراد الأستاذ العلاّمة من هذاالكلام فإنّ مقصوده منه أنّ ما
ذكرنا من الكلام في إلحاق الشّك في الصّحة بالشّك في الوجود فإنّما هو فيما
إذا لم يكن الشّك في الصّحة مسبّباعن الشّك في ترك بعض ما يعتبر في الصّحة
من الأمور المعدودة أفعالا برأسها و إلاّ فلا إشكال في الإلحاق و لا كلام
فيه لأنّ قضيّةجريان القاعدة بالنّسبة إلى المشكوك رفع الشّك عن الصّحة على
نحو الحكومة من حيث تسبّبه عنه بقضيّة الفرض هذا و لكن في المقامسؤال على
ما أفاده دام ظلّه و هو أنّ الشّك في الصّحة دائما مسبّب عن الإتيان ببعض
ما يعتبر فيها شطرا أو شرطا فعلا أو تركا ضرورةعدم وقوع الشّك في صحّة
الموجود البسيط من جميع الجهات بل استحالته على تقدير تسليم وجود مثله
بالنّسبة إلى الأعمال الواقعة فيحيّز الطّلب في الشّرع فالشّك في صحّة
المأتيّ به لا بدّ من أن يرجع إلى الشّك في إتيان بعض ما يعتبر في صحّة
العمل شطرا أو شرطا فيكون جريانالقاعدة بالنّسبة إلى الشّك المسبّبي حاكما
على الحكم بالاعتناء بالشّك فيه لمقتضى نفس الأخبار المتقدّمة منطوقا و
مفهوما على ما التزمتبه فيرتفع إذا ثمرة النّزاع إذ بعد تسليم الفريقين
لزوم إلحاق الشّك في الصّحة بالشّك في الوجود لم يكن معنى للنّزاع في أنّه
من جهةجريان القاعدة في نفس الشّك المسبّبي أو في الشّك السّببي فلا معنى
محصّل لما ذكره الأستاذ العلاّمة في تحرير محلّ النّزاع و لكن يمكنالتّفصي
عن الإشكال المذكور بأنّ الشّك في الصّحة دائما و إن تسبّب من الشّك في
إتيان العمل على وجهه المعتبر عند الشّارع الّذييرجع إلى الشّك في إتيان
بعض ما يعتبر في صحّة العمل شطرا أو شرطا لما ذكر من استحالة وقوع الشّك في
صحّة الأمر البسيط ذهنا وخارجا إلاّ أنّ ما يعتبر في صحّة العمل على وجهين
أحدهما ما يكون وجوده مغايرا لوجود المشروط في الخارج ثانيهما ما يكون
متّحدا معهفي الوجود بحيث لا مغايرة أصلا و وجود القسمين ممّا لا مجال
لإنكاره و ما أخرجه الأستاذ العلاّمة من محلّ الكلام هو الأوّل و
منالمعلوم أنّ من إلحاقه بالشّك في الوجود لا يلزم إلحاق القسم الثّاني
فإذا قيل بأنّ ظاهر الأخبار هو عدم الاعتناء بالشّك في خصوصأصل الوجود لا
معنى للحكم بإلقاء الشّك في الصّحة من جهة القاعدة بالنّسبة إلى القسم
الثّاني هذاقوله
مثل موثقة ابن أبي يعفورإلخ (3)أقول
استفادة التّعميم منه ظاهرة على ما أفاده دام ظلّه سابقا من عدم امتناع
إرادة الشّك في الوجود و الشّك في الواقعفي أثناء الشّيء من الرّواية
بخلاف ساير الرّوايات و قد عرفت بعض الكلام في ذلك مع أنّ الحكم بالتّعميم
المذكور غير ظاهر اللّزوم لماذكره فتدبّرقوله
أو بجعل أصالة الصّحة إلخ (4)أقول
لا يخفى عليك أنّ مراده دام ظلّه من هذا الكلام مجرّد ذكر وجه
للحكمبالتّعميم لا كونه معتقدا بتماميّته حتّى يرد عليه بأنّ الأصل
المذكور لا مدرك له لعدم دليل يدلّ على اعتبار ظهور حال المسلم من حيث
هومطلقاقوله
و يمكن استفادة اعتباره إلخ (5)أقول
لا إشكال في إمكان استفادة اعتبار الشّك في الصّحة بعد الدّخول في
الغيربمعنى إيجابه الحكم بوقوع المشكوك و وجوده من التّعليل المذكور لأنّه
بمنزلة الكبرى لكلّ ما يكون المكلّف أذكر بالنّسبة إليه فكما أنّه يدلّعلى
عدم الاعتناء بالشّك في وجود شيء بعد التّجاوز عن محلّه و الدّخول في
غيره من حيث إنّ المكلّف الملتفت الباني على الإتيان بالمأموربه لا يترك من
الأفعال ما له دخل فيه فيظنّ بعد التّجاوز عنه و الدّخول في غيره إتيانه
إذا شكّ فيه و هذا هو المراد من التّعليل في الرّوايةو يدلّ على عدم
الاعتناء بالشّك في صحّة ما أتي به بعد الدّخول في غيره لعين العلّة
المذكورة فإنّ المكلّف الباني على الامتثال لايترك ما له دخل في صحّة عمله
فإن شئت قلت إنّ التّعليل يدلّ على اعتبار ظهور حال المسلم بالنّسبة إلى
عمله مطلقا سواء تعلّق بنفسهأو بأجزائه أو بشرائطهقوله
الظّاهر أنّ المراد بالشّك إلخ (6)أقول
لا يخفى عليك أنّه قد يورد عليه بأنّ ما استظهره أوّلا لإيجابالحكم بعده
بأنّ المسألة ذات وجهين لو علم كيفيّة العمل و لكنّك خبير بأنّ هذا الإيراد
في غير محلّه لأنّ استظهار أحد الوجهين في المسألةلا ينافي الحكم بثبوت
الوجهين لها و إنّما المنافي له استشكاله و عدم ترجيحه لأحد الطّرفين بعد
ترجيحه له و الأمر ليس كذلك فيما ذكره