التّخيير على القول باعتبارها من باب العقل إلى غير ذلك من الأمثلة فلازم
هذا كما ترى المنع من تحقّق التّعارض لأنّه يشترط فيهوحدة الموضوع و توارد
المتعارضين عليه بطريق التّناقض أو التّضاد و الثّالث كون أحد الدّليلين
بمدلوله اللّفظي ناظرا إلىالدّليل الآخر و مفسّرا المقدار دلالته بحيث لو
لم يكن المحكوم موجودا لكان الحاكم لغوا و بعبارة أخرى
ما كان أحد الدّليلين بلسانهناظرا إلى إخراج ما يكون داخلا في موضوع دليل
و تنزيله منزلة عدمه و الحكم بأنّه ليس داخلا فيه على سبيل الحكومة أو
إدخال مايكون خارجا عنه حقيقة مثال الأوّل ما دلّ على عدم الاعتناء بكثرة
الشّك فإنّه حاكم على أدلّة الشكوك على التّوجيه الأوّل و مادلّ على اعتبار
الظّنون الاجتهاديّة في مورد الأصول المتقدّمة بناء على ما ستقف عليه من
حيث اقتضائها تنزيل الشّكمنزلة عدمه إلى غير ذلك من الأمثلة و مثال
الثّاني ما دلّ على اعتبارها بالنّسبة إلى تعلّق الحكم فيه باليقين كأدلّة
الأصول فإنّهامنزّلة منزلة اليقين على خلاف الحالة السّابقة إذا قامت عليه
مع أنّها ليست من اليقين ثمّ
إنّ تطبيق المثال الأوّل علىمسألة الحكومة ظاهر فإنّه لو لم يكن هناك ما
يدلّ على جعل حكم للشّك في الصّلاة كان ما دل على عدم اعتبار كثرة الشّك
لغواو أمّا تطبيق سائر الأمثلة فستقف عليه ثمّ
إنّه لا فرق في الحكومة بين أن يكون النّسبة بين الحاكم و المحكوم عموما
مطلقا كالمثالالأوّل أو من وجه كالمثال الثّاني فإنّه بعد الحكومة لا معنى
لملاحظة النّسبة و إنّما النّسبة تلاحظ بين الدّليلين اللّذين يكونانفي
مرتبة واحدة لا بين الوارد و المورود و الحاكم و المحكوم بل التّحقيق حسب
ما صرّح به الأستاذ العلاّمة في مجلس البحث و عرفت تفصيلالقول فيه في طيّ
أجزاء التّعليقة هو عدم وجود نسبة بين الحاكم و المحكوم أصلا كما أنّه لا
معنى لملاحظتها بين الوارد و المورود أصلاإذ النّسبة بين الشّيئين فرع
اجتماعهما في موضوع واحد و المفروض أنّ الحاكم يحكم بمدلوله اللّفظي بعدم
وجود الموضوع للدّليل المحكوم ومنه يعلم أنّه لا معارضة بين الحاكم و
المحكوم ثمّ
إنّه لا فرق فيما ذكرنا من الوجوه بين أن يكون الدّليلان اجتهاديّين أو
فقاهيّينأو مختلفين على ما هو واضح مضافا إلى ما أشرنا إليه في طيّ أجزاء
التّعليقة و ستقف على تفصيل القول فيه نعم
لازم الدّليل الاجتهاديأن يكون إمّا واردا على الدّليل الفقاهتي أو حاكما فيما لم يكن الدّليل الفقاهتي أخصّ ثمّ
إنّك بعد ما عرفت الفرق بين الأمور الثّلاثةفيقع الكلام في تحقيق الحال في وجه تقديم الأدلّة على الاستصحاب فنقول
إنّ الكلام يقع في مقامين أحدهما
في حكم الاستصحابمع الدّليل الموجود في مورده على القول باعتباره من باب التّعبّد ثانيهما
في حكمه معه على القول باعتباره من باب الظّن و لنقدّم في كلّ من
المقامينحكم صورة قيام الدّليل على خلاف الحالة السّابقة ثمّ نعقّبه بذكر
حكم صورة قيام الدّليل على طبق الحالة السّابقة في حكم الاستصحاب مع الدّليل الموجود في مورده
أمّا المقامالأوّل
فملخّص القول فيه أنّه قد يقال إنّ الدّليل الاجتهادي القائم على خلاف الحالة السّابقة وارد على الاستصحاب بوجوه أحدها
من جهة أنّ المراد من الشّك المأخوذ في موضوع الاستصحاب هو التّحير
المرتفع بعد قيام الدّليل المعتبر من جانب الشّارع علىخلاف الحالة
السّابقة في الزّمان اللاّحق ثانيها
من جهة أنّ نقض اليقين السّابق بالدّليل القائم على الخلاف بملاحظة دليل
اعتبارهنقض باليقين لا بالشّك فإنّه و إن لم يوجب القطع بالارتفاع واقعا
لفرض كونه ظنيّا إلاّ أنّه لما كان المفروض القطع باعتباره فيكوننقض
الحالة السّابقة به نقضا باليقين ثالثها
من جهة أنّ الأخبار مسوقة لبيان عدم جواز الرّجوع لما تقرّر عند الشّك
منالأصول العمليّة إذا كان له حالة سابقة و إن كان الشّك لا يرتفع بعد
قيام الدّليل هذا و لكنّك خبير بضعف هذه الوجوه أمّا الأوّل
فلما عرفت غير مرّة من أنّ المراد من الشّك في أدلّة الأصول هو خلاف
اليقين الموجود في صورة قيام الظّن على الخلافلا التّحير الّذي هو مجرى
التّخيير العقلي هذا مضافا إلى ما ذكره الأستاذ العلاّمة بقوله و فيه أنّه
لا يرتفع التّحيّر و لا يصير الدّليل الاجتهاديإلخ و إن كان قد يتأمّل فيه
بأنّه بعد تسليم كون الموضوع في دليل الاستصحاب هو التّحيّر يكون تقديم
الدّليل عليه من باب الورود كماهو الشّأن في تقديم الدّليل على التّخيير
العقلي و أمّا الثّاني
فلما عرفت غير مرّة أيضا أنّ المراد من اليقين الّذي جوّز الشارع نقض
اليقينالسّابق به هو اليقين على خلاف الحالة السّابقة لا اليقين بأمر آخر
مضافا إلى أن قطعيّة اعتبار الدّليل في مقابل الاستصحاب معقطع النّظر عن
حديث الحكومة قابلة للمنع و من الغرائب ما ربما يقال بل قيل من أنّ قيام
الدّليل على اعتبار الظّن يدخله في العلمموضوعا و أمّا الثّالث
فلمنع الدّعوى المذكورة إذ لا شاهد لها أصلا و مجرّد القول بكون الاستصحاب
حاكما على الأصول بناء علىاعتبارها من باب التّعبّد الشّرعي لا يوجب كون
الأخبار مسوقة لما ذكره كما لا يخفى ثمّ
إنّه لا يخفى عليك أنّ الوجه الأوّل لا دخل له بهذاالوجه فما ربما يظهر من
الأستاذ العلاّمة من اتّحادهما لا وجه له هذا و قد يقال إنّ الدّليل
الاجتهادي القائم على خلاف الحالة