على تقدير وجوده و كفايته اللّهمّ إلاّ أن يمنع وجوده نظرا إلى عدم ميزان
يميّز به المتيقّن بالإضافة إلى غير المتيقّن الحقيقي من الأماراتالأخر و
لأجله أمر قدس سره بالتّأمّل بعد الحكم بالتّسرية أو لما ستعرفه بعد ذلك من
كلامه قدس سره في الاعتراض على المناقشة الّتي ذكرها المصنّف قدس سره
قوله
قدس سره ففيه أنّ ضبط مرتبته خاصّة له متعسّر إلى آخره(1)أقول
لا يخفى عليك أنّ ما أفاده قدس سره مبنيّ على كون المراد من هذا المرجّح
إناطة التّرجيح بمطلق القوّة و الضّعف الإضافيّين إذ كما أنّأصل تشخيص
مراتب الظّن في نفسها من جهة كثرتها و غموضها بالشّدّة و الضّعف في غاية
الإشكال كذلك تشخيص مرتبة الظّنين الموجودينفي المسألتين بل الإشكال في
الثّاني ناش عن الإشكال في الأوّل عند التّحقيق و أمّا لو كان المراد
إناطته بالقوّة البالغة حدّ الاطمئنانفلا يتوجّه عليه المناقشة المذكورة
الرّاجعة إلى المنع الصّغروي كما اعترف به قدس سره فأورد عليه أوّلا بندرته
بعد الحكم بكونه ملحقابالعلم حكما بل موضوعا الّذي لم يعلم المراد منه
فإنّ الإلحاق بالعلم الطّريقي حكما لم يعلم له وجه و بالموضوعي كذلك و
الإلحاق الموضوعيلا وجه له أصلا و إن قال به بعض مشايخنا قدس سره في جواهر
الكلام اللّهمّ إلاّ أن يراد الإلحاق الموضوعي بالمسامحة كما ذكره
سابقاعند الكلام في حجيّة أخبار الآحاد بالخصوص و كيفما كان لا إشكال في
انضباط هذه المرتبة و أمّا الإيراد عليه بالنّدرة فقد يناقشفيه أيضا بمنع
النّدرة لكثرة الظّنون الاطمئنانيّة في الفقه فينحصر الإيراد الوارد فيما
أفاده ثانيا بقوله مع أنّ كون القوّة معيّنة للقضيّةالمهملة محلّ منع إلخ
لأنّك قد عرفت سابقا أنّ العقل لا يستكشف بالنّظر إلى مقدّمات الانسداد جعل
خصوص الظّن الاطمئناني كمايحكم به على تقدير الحكومة كيف و لو كان كذلك لم
يكن معنى للإهمال بالنّسبة إلى المرتبة بل النّتيجة كشفا أو حكومة مختصّة
بالظّنالاطمئناني و بالجملة لا مناص عن الإيراد الثّاني أصلا على ما عرفت
الكلام فيهفي أنّ العقل لا يحكم إلاّ بلزوم دفع العقاب و الضّرر
قوله
قدس سره مع أنّ الوجه الثّاني لا يفيد لزوم التّقديمإلى آخره(2)أقول
لا يخفى عليك أنّ ما أفاده قدس سره مبنيّ على جعل الوجه الثّاني في قبال
الوجه الأوّل بمعنى أنّه على تقدير الإغماضعن كفاية مطلق الظّن في
التّرجيح من حيث كونه أقرب إلى الحجيّة يحكم بلزوم التّرجيح به من حيث كونه
أقرب إلى إدراك مصلحة الواقع و بالجملةهذه الحيثيّة غير حيثيية مجرّد
الأقربيّة إلى الحجيّة و إن كانتا متلازمتين في زعم المستدلّ ثمّ
إنّ الوجه في عدم إفادته لزومالتّقديم بل أولويّته هو ما عرفت الكلام فيه
مرارا من أنّ العقل لا يحكم بلزوم إدراك المصالح الواقعيّة في باب الإطاعة
و أنّ العنوانالملزم عنده لإطاعة مطلق أوامر الموالي على العبيد دفع
الضّرر و العقوبة و المؤاخذة و إن حكم بإدراكها على وجه الرّجحان و
الأولويّة نظراإلى إيجابه تكميل النّفس الموجب للوصول إلى الدّرجات العالية
و التّهيؤ للإفاضات القدسيّة و أمّا الوجه في مشابهته للتّرجيح بالقوّة و
الضّعفبعد الإغماض عمّا ذكره أوّلا فهو ظاهر حيث إنّ مناطه على الأقربيّة
بملاحظة الاعتبارين فلا بدّ أن يلاحظ مرتبة ما ظنّ اعتباره مع مرتبةما شكّ
في اعتباره مثلا فربما يكون الظّن الحاصل من مشكوك الاعتبار في المسائل
التي قام عليها أقوى و أقرب من الظّن الحاصلمن مظنون الاعتبار في المسائل
الّتي قام عليها بعد الملاحظتين فيتوجّه عليه مضافا إلى ما ذكر ما توجّه
على التّرجيح بالوجه الثّانيثمّ
إنّ المراد من استبعاد فرض التّسوية بالنّسبة إلى جميع الظّنون الموجودة
في المسائل الفقهيّة و استحالته بحسب العادة بعدالاختلاف التّام بين
الأسباب و الموارد بالنّسبة إلى المفروض و إلاّ فلم يتوهّم أحد أنّ فرض
المحال محال فلا تغفل هذا مضافا إلى ما أفاده قدس سرهفي الاعتراض بقوله مع
أنّ اللاّزم على هذا إلى آخر ما أفاده ضرورة لزومه بعد البناء على ملاحظة
الأقربيّة من جهة التّداركعلى تقدير الخطاء بعد اختلاف الظّنون القائمة من
الجهة الّتي ذكرها قدس سره بل اختلافها من جهة أخرى غير مذكور في كلامه و
هي القوّةو الضّعف فافهمقوله
قدس سره و أمّا الوجه الأوّل المذكور في تقريب ترجيح إلخ(3)أقول
العمدة في الاعتراض على هذا الوجه ما أفاده ثانيالأنّ ما أفاده أوّلا
مضافا إلى رجوعه إلى منع الاطّراد كما هو واضح غير نقيّ عن الإشكال لإمكان
أن يقول الخصم بأنّا لا نقول بأنّ كلّما ظنّاعتباره لا بدّ أن يكون مظنون
الاعتبار مطلقا فكلّما تحقّق هذا العنوان في ضمن مطلق أو مقيّد نقول بكونه
متعيّنا من المهملة مضافاإلى إمكان دعوى كون الخبر الجامع للشّروط الخمسة
ممّا يظنّ اعتباره مطلقا اللّهمّ إلاّ أن يكون مراده قدس سره ممّا أفاده
عدم كفاية ما ظنّ اعتبارهمن الأمارات فتدبّر
فإذا لا بدّ من صرف العنان إلى بيان ما أفاده من الاعتراض الثّاني فنقول
في توضيح عدم الدّليل على كونمطلق الظّن معيّنا للمهملة و مرجّحا لما قام
عليه على غيره من الظّنون إنّ الدّليل على اعتبار الظّن على سبيل الإطلاق
أو الإهمال منحصر في المقامعلى ما هو مقتضى الفرض بدليل الانسداد و لا
يخلو الأمر فيه إمّا أن يجري في خصوص الفروع و يحكم بعد إهمال النّتيجة
فيها بحجيّة مطلقالظّن في تعيينها كما هو المفروض في محلّ البحث أو يجري
في خصوص الأصول و إمّا أن يجري في مطلق الأحكام الشّرعيّة بالمعنى الأعمّ
من الفرعيّةو الأصوليّة و الواقعيّة و الظّاهريّة و إمّا أن يجري في كلّ
منهما مستقلاّ فيجري تارة في الفروع و أخرى في الأصول ثمّ
على تقدير