عليه بناء على كون اللاّم موصوليّا أعمّ من الرّواية و الفتوى ثانيهما جعل
الموصول خصوص الرّواية و جعل العلّة في تقديمها الاشتهارمن حيث إنّه اشتهار
بالمعنى الأعمّ من شهرة الرّواية و الفتوى لا بمعنى كونها علّة للتّرجيح
فقط حتّى يقال إنّ غاية ما تدلّ عليه الرّوايتانعلى هذا التّقريب كون
الشّهرة من حيث الفتوى مرجحة لا حجّة مستقلّة و الفرق بينهما ظاهر و لا
ملازمة بحسب القول بين الأمرينحتّى يستدلّ بثبوت أحدهما على ثبوت الآخر بل
بمعنى كون التّرجيح بها من حيث كونها مرجّحا غاية الأمر عدم صلاحيّة
الشّهرة من حيث الرّوايةلجعلها حجّة مستقلّة لكنّه لا يصلح لمنع هذا المعنى
في الشّهرة من حيث الفتوى هذا و لكنّك خبير بظهور فساد كلا التّقريبين
بحيثلا يحتاج إلى البيان ضرورة فساد جعل الموصول في الروايتين للأعمّ من
الرّواية و أوضح منه فسادا الوجه الثّاني بالتّقريب الّذي عرفته رابعها
ما استدلّ به بعضهم من فحوى ما دلّ على حجيّة خبر الواحد من حيث إنّ الخبر
حجّة من حيث إفادته للظن لا السّببية المحضةو الظّن الحاصل من الشّهرة
أقوى من الظّن الحاصل من الخبر فما دلّ على حجيّته تدلّ على حجيّتها
بالفحوى و هذا نظير استدلال ثاني الشّهيدينعلى طريقيّة الشّياع الظّني و
حجيّته في القاضي المنصوب بكون الظّن الحاصل منه أقوى من شهادة العدلين و
فيه أيضا ما لا يخفى منالوهن و الفساد ضرورة أنّ المناط في حجيّة الخبر إن
كان الظّن من حيث هو من غير مدخليّة الخبر أصلا فيكون مدلول دليله حجيّة
مطلقالظن من غير فرق بين الضّعيف و القوي و هو خروج عن محلّ البحث مضافا
إلى وضوح فساده و إن كان المناط في حجيّته الظّن الحاصلمن السّبب الخاصّ
على ما هو معنى الظّن الخاصّ فكيف يمكن التّعدي من دليله إلى غيره فإنّ قلت
الظّاهر من الدّليل و إن كانذلك إلاّ أنّ المظنون إناطة الحكم بالظّن من
حيث هو فإذا فرض وجود الفرد الأقوى في الشّهرة فيحكم بمقتضى الأولويّة
بكونها حجّة قلت
إذا فرض ظهور الدّليل في نفي المناط المزبور فكيف يجوز الاعتماد على هذا
الظّن القياسي المعارض للظّهور اللّفظي سلّمنا لكن يئولالأمر بعد اللّتيّا
و الّتي إلى التمسّك في حجيّة الشّهرة بالأولويّة الظنية الّتي استشكل في
أمرها و خروجها عن القياس المحرّم غير واحدمن أهل الظّنون المطلقة حتّى
المحقّق القمي قدّس سرّه في القوانين و إن تمسّك بها بعض أهل الظّنون
الخاصّة في بعض الموارد مثل ثاني الشهيدينفيما عرفت منه و صاحب المعالم في
مطهّرية الاستحالة للمتنجّسات لكن بزعم كونها من الفحوى و الدّلالة
اللّفظيّة كما زعمه المتوهّم في المقام أيضا وإن كان ظاهر الفساد لظهور
الفرق بين الفحوى الّتي يرجع إلى ظهور اللّفظ في مناط الحكم و الأولويّة
الاعتباريّة التي يرجع إلى تخريج المناط ظنّامن غير أن يكون في اللّفظ
دلالة عليه و من هنا يعرف الوجه في كونها أوهن بمراتب من الشهرة الّتي ذهب
إلى حجيّتها بعض أهل الظّنونالخاصّة و قال بحجيّتها كلّ من قال بحجيّة
مطلق الظّن و هذا بخلاف الأولويّة الّتي منع منها غير واحد من أهل الظّنون
المطلقة كما أنّكعرفت فساد تسميته الأولويّة في المقام بالفحوى مع أنّه لا
دلالة فيما دلّ على حجيّة الخبر على إناطة الحكم بالظّن أصلا و كون إثبات
الحجيّةله من حيث كونه ظنّا ضعيفا بحيث يكون الفرع و هو الظّن القوي مقصودا
بالكلام هذا مع أنّ في قوة الظّن في جانب الشّهرة بالنّسبة إلىخبر العادل
الواقعي المخبر عن حسّ كلاما و من هنا جعل في المعالم عند الاستدلال بدليل
الانسداد لحجيّة الخبر خبر العادل أقوى الظّنون مع أنّه لوأريد القوّة
النوعيّة فلا تجديه و لو أريد القوة الشّخصيّة فتتبع الموارد الشخصيّة فلا
يكون دليلا على حجيّة الشّهرة من حيث هي و بقول مطلق في أنّ الشّهرة هل قام دليل بالخصوص على عدم حجّيتها أم لا
و أمّا الوجه الثالث و هو كون الشّهرة ممّا قام دليل على عدم حجيّتها
بالخصوص فيستدلّ له بالإجماع الّذي قام على عدم حجيّة الفتوىبالنّسبة إلى
أهل الفتوى و من له ملكة استنباط الأحكام من الأدلّة من حيث إنّه لا فرق في
معقد الإجماع بين فتوى واحد أو أكثر ما لم يبلغحدّ الإجماع و دعوى كون
الإجماع من جهة عدم حصول الكشف الظّني من فتوى فقيه بالنّسبة إلى فقيه أخر
فاسدة جدّا ضرورة عدم الفرقفي معقد الإجماع بين الصّورتين و إلاّ فلازمهم
عدم المنع فيما لو حصل الظّن من فتوى فقيه واحد و هو كما ترى و أمّا ما ترى
من عملهم بفتاوىابن بابويه عند إعواز النّصوص فإنّما هو من جهة علمهم
بعدم تعدّيه من متون الرّوايات فمرجع فتواه في المسألة إلى نقل الرّواية و
لوبالمعنى و أين هذا من العمل بالرّأي و الترجيحات و فيه أنّ دعوى انعقاد
الإجماع على حرمة العمل بالشّهرة و كونها ملحقّة بالقياس في الشّريعةيكذبها
فتوى الشّهيد رحمه الله و غيره من أهل الظّنون الخاصّة و جميع أهل الظّنون
المطلقة على حجيّتها فكيف يدعي مع ذهاب هؤلاء إلى حجيّتهاللإجماع على عدم
الحجيّة و من هنا ذكرنا سابقا أنّ ذهاب المشهور إلى عدم حجّيتها إنّما هو
من جهة عدم دليل عندهم على الحجيّة لامن جهة الدّليل على عدم الحجيّة ثمّ
إنّ البحث عن المسألة ليس بحثا عن المسألة الأصوليّة و لا عن مبادي علم
الأصول بناءعلى كون موضوع علم الأصول الأدلّة الأربعة فيكون البحث في
المقام نظير البحث عن حجيّة مطلق الظّن الغير الراجع إلى البحث عنالمسائل و
المبادي و دعوى رجوع البحث في المقام إلى البحث عن دلالة الأخبار على
حجيّة الشّهرة كما أنّ البحث عن حجيّة مطلق الظّن