هم مسلمون لا بما هم عقلاء. فالعمدة هو سادس الوجوه، وهو: جريان سيرة العقلاء فيما يرجع إلى أمور
دنياهم وعقباهم على العمل بالخبر المفيد للوثوق، ولا ريب ولا كلام في
حجّيّة هذه السيرة طبعا لو لا ردع الشارع عنه، إذ الشارع رئيس العقلاء،
فإذا رأى أنّهم يعاملون مع الخبر المفيد للوثوق معاملة الخبر المقطوع
الصدور ويعتنون به كالاعتناء بذلك، فلو لم تكن هذه الطريقة مرضيّة له،
فعليه أن يردعهم ويشدّد النكير على طريقتهم ويمنع أشدّ المنع عن سيرتهم،
كما فعل في القياس حيث بلغت الروايات الواردة في المنع عن العمل بالقياس
إلى خمسمائة رواية، بل لا بدّ وأن يكون المنع عن العمل بالخبر الواحد
الموجب للاطمئنان بمراتب أشدّ من المنع عن العمل بالقياس، لأنّ اعتناءهم
بالخبر المفيد للوثوق أكثر وأشدّ بمراتب من اعتنائهم بالقياس، فإذا لم يردع
الشارع عن مثل هذه السيرة، نستكشف منه رضاه بذلك.
و إنّما الكلام في أنّه هل ثبت ردع من الشارع عن هذه السيرة أم لا، وربّما يقال: إنّ الآيات الناهية عن العمل بالظنّ، مثل: { لا تقْفُ ما ليْس لك بِهِ عِلْمٌ } [1]و { إِنّ الظّنّ لا يُغْنِي مِن الْحقِّ شيْئاً* } [2]و أمثال ذلك كافية في الردع.
و أجاب في الكفاية عن هذا الإشكال بأجوبة، أحدها في متن الكتاب والآخران في هامشه.
الأوّل: أنّ مردوعيّة السيرة بالآيات الناهية دوريّة، فإنّها متوقّفة على
عدم كون الآيات مخصّصة بالسيرة، وهو متوقّف على مردوعيّة السيرة.
ثمّ أورد على نفسه سؤالا، وهو: أنّ مخصّصيّة السيرة للآيات أيضا