و من هنا يعلم أنّ النزاع بين الفريقين لا يكون لفظيّا-كما زعم صاحب الكفاية[1]-قدّس
سرّه-لما عرفت من أنّ النزاع في المقام ناش من النزاع في أفعال العباد
والنزاع في الكلام النفسيّ، ومع ذلك كيف يمكن أن يقال: مرادهم بالمغايرة
المغايرة بين الحقيقي والإنشائيّ من الطلب والإرادة، والالتزام باتّحاد
الإرادة الحقيقية والطلب الحقيقي، الهادم لكلا البنيانين. و بعد ذلك يقع الكلام في جهات:
الأولى: هل ما يفهم من الطلب عين ما يفهم من الإرادة؟
أنّه هل ما يفهم من الطلب وما يصدق عليه الطلب عين ما يفهم من الإرادة وما
يصدق عليه الإرادة، أم مفاد الطلب أمر ومفهوم الإرادة أمر آخر، وما يصدق
عليه الطلب شيء، وما يصدق عليه الإرادة شيء آخر مغاير له؟ فنقول: إنّ من
الواضح الّذي لا سترة عليه مغايرتهما مفهوما ومصداقا، وذلك يتّضح بأدنى
التفات إلى موارد استعمالاتهما.
مثلا: لا يقال: طالب العلم، لمن اشتاق إلى العلم، وأراده فقط من دون أن يشتغل بالتعلّم.
و هكذا لا يقال: طالب الغريم وطالب الضالّة وطالب الدنيا وطالب الآخرة، لمن
اشتاق إليها وأرادها، وإلاّ فيلزم أن يصدق على كلّ شخص: طالب العلم، وطالب
الآخرة، إذ ما من أحد إلاّ وقد اشتاق إلى العلم والآخرة.