و هل
يمكن عدّ ما أريد حال قولنا: «أكرم زيدا»من تعليم عمرو أو بيع كتاب، من
بطون هذا الكلام؟ هذا كلّه-كما ذكرنا-على تقدير وجود هذه الأخبار، لكنّا
تتبّعنا المواضع المناسبة من الوافي والوسائل والبحار ولم نجد خبرا واحدا
يدلّ على ذلك.
نعم ورد ما يدلّ على أنّ للقرآن ظهرا وبطنا[1]و أنّ له تنزيلا وتأويلا[2]،
وقد فسّر الظهر والبطن والتنزيل والتأويل في الروايات بما يستفاد منه أنّ
ظاهره ما يفهمه العامّة وباطنه ما يحتاج إلى التعمّق والتدبّر وإمعان
النّظر، وتنزيله مورد النزول، وتأويله انطباق الآية على غير من نزل في حقّه
ممّن هو مثله في الصفة، فإنّه ورد ما مضمونه أو لفظه: «أنّ القرآن ظاهره
قصّة، وباطنه عظة[3]، وأنّه يجري كجري الشمس والقمر»[4].
و بالجملة: البطن والتأويل بهذا المعنى لا يختصّ بالقرآن بل رسائل الشيخ
أيضا كذلك، فإنّ الأشخاص مختلفون في فهمه، فربما يفهم الملتفت إلى مزايا
كلامه بإرجاع بعضه إلى بعض وأخذ لوازمه ما لا يخطر ببال غيره الّذي أيضا
يعرف ظواهر كلامه، فاختلاف الناس في فهم القرآن كاختلافهم في فهم سائر
الكتب.