أما الأول، فلأن الاستصحاب - لغة - أخذ الشئ مصاحبا، فلا بد من إحراز ذلك الشئ [1] حتى يأخذه مصاحبا، فإذا شك في حدوثه من أصله فلا استصحاب. وأما اصطلاحا، فلأنهم اتفقوا على أخذ الشك في البقاء - أو ما يؤدي هذا المعنى - في معنى الاستصحاب. نعم، لو ثبت أن الشك بعد اليقين بهذا المعنى ملغى في نظر الشارع، فهي قاعدة أخرى مباينة للاستصحاب، سنتكلم فيها [2] بعد دفع توهم من توهم أن أدلة الاستصحاب تشملها، وأن مدلولها لا يختص بالشك في البقاء، بل الشك بعد اليقين ملغى مطلقا [3]، سواء تعلق بنفس ما تيقنه سابقا، أم ببقائه. وأول من صرح بذلك الفاضل السبزواري - في الذخيرة - في مسألة من شك في بعض أفعال الوضوء، حيث قال: والتحقيق: أنه إن فرغ من الوضوء متيقنا للإكمال، ثم عرض له الشك، فالظاهر عدم وجوب إعادة شئ، لصحيحة زرارة: " ولا تنقض اليقين أبدا بالشك " [4]، انتهى. ولعله (قدس سره)، تفطن له من كلام الحلي في السرائر، حيث استدل على المسألة المذكورة: بأنه لا يخرج عن حال الطهارة إلا على يقين من
[1] " الشئ " من (ص). [2] انظر الصفحة 310 - 313. [3] لم ترد " مطلقا " في (ظ). [4] الذخيرة: 44.